Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

أكَمَةُ إسرائيل الجديدة..!!

بضاعة مُزجاة

A A
استوقفنِي كثيرًا مَا قالهُ رئيسُ الوزراءِ الإسرائيليُّ بنيامين نتنياهو عَن محرقةِ اليهودِ التِي جرتْ لهُم خلالَ حقبةِ الزَّعيمِ الألمانيِّ النَّازيِّ أدولف هتلر!.

قالَ إنَّ هتلر كانَ ينوِي فقطْ طردَ اليهودِ مِن ألمانيَا، لكنَّ الحاجَّ أمين الحسيني، القائدَ الفلسطينيَّ المسلمَ، وكانَ مفتِي القدسِ قبلَ احتلالِ اليهودِ لفلسطينَ، قدْ أشارَ عليهِ بحرْقِ اليهودِ بدلًا مِن ذلكَ، فامتثلَ هتلر!.

فيَا سبحانَ الله، إنَّها سرديَّةٌ إسرائيليَّةٌ جديدةٌ للمحرقةِ المزعومةِ، وكانتْ مِن قبل تُركِّزُ علَى هتلر بكونهِ المُتسبِّبَ الوحيدَ فِي المحرقةِ، وتكرههُ كراهيةَ البرصِ والسرطانِ والجُذامِ، وكوَّنت بعدَ زوالِ النازيَّةِ عَن ألمانيَا لوبيًّا ضاغطًا تُؤنِّب بهِ ضمائرَ الحكوماتِ الألمانيَّةِ المتعاقبةِ وضَمِنتْ بذلكَ دعمَهَا وانحيازَهَا لهَا، حتَّى أصبحتْ ألمانيَا وحتَّى هذهِ اللحظةِ مِن أكثرِ الدولِ الغربيَّةِ دعمًا لإسرائيلَ المزروعةِ كالخنجرِ فِي خصرِ الأمَّةِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ!.

وشهادةٌ للهِ ثمَّ للتاريخِ، ويمكنُ الرجوعُ للوثائقِ القديمةِ، فقدْ التقَى الحسيني بهتلر، الذِي كانَ أحدَ أهمِّ زعماءِ العالمِ فِي عصرِهِ، وطلبَ منهُ المساعدةَ علَى ضمانِ عدمِ احتلالِ اليهودِ لفلسطينَ، ولمْ يحصلْ علَى أيِّ مساعدةٍ، فضلًا عَن قوَّةِ شخصيَّةِ هتلر، واستحالةِ تأثيرِ الحسيني عليهِ، وهتلر أصلًا كانَ عدائيًّا يؤمنُ بتفوِّقِ العِرْقِ الجِرْمانِي علَى عروقِ كلِّ البشرِ، وخالفَ أسلوبَ الدولِ الأوروبيَّةِ -آنذاك- فِي التعاملِ معَ اليهودِ والمُنحصرِ فِي طردِهِم منهَا فقطْ، بعدَ الفسادِ اللاأخلاقيِّ الذِي أحدثُوه مثل الخيانةِ والرِّبَا والدَّعارةِ والمؤامراتِ والتجسُّسِ!.

والسرديَّةُ الجديدةُ كاذبةٌ بامتيازٍ، ومحاولةٌ ماكرةٌ لغسْلِ مخِّ العالمِ بأنَّ مَا تفعلهُ إسرائيلُ فِي فلسطينَ مِن تهجيرٍ وقصفٍ وقتلٍ وتنكيلٍ بالمدنيِّينَ والنِّساءِ والأطفالِ هُو دفاعٌ مشروعٌ عَن النَّفسِ، واستعادةٌ لأرضِ الأجدادِ، وانتقامٌ ممَّن تسبَّبُوا فِي حرقِ اليهودِ خلالَ العصرِ النازيِّ، وهُو تهيئةٌ عمليَّةٌ لتوسيعِ مساحتِهَا وتحويلِهَا لإسرائيلَ الكُبْرى، وصرفِ النَّظرِ تمامًا عَن حلِّ الدَّولتَينِ الذِي يُطالبُ بهِ العالمُ؛ لإنهاءِ القضيَّةِ الفلسطينيَّةِ بالشكلِ العادلِ والمُستدامِ، وردٌّ جميلٌ للألمانِ المتعاطفِينَ معهَا بتخفيفِ عبءِ مسؤوليِّتِهم التاريخيَّةِ عَن محرقةِ اليهودِ التِي لَا بُدَّ مِن الإشارةِ إلَى شهاداتِ العديدِ مِن المؤرِّخِينَ الغربيِّينَ المُنصفِينَ بأنَّها لمْ تحصلْ، أو -على الأقلِّ- حصلتْ، وبُولِغَ فِي أهوالِهَا، فهاجمتهُم اللوبياتُ الإسرائيليَّةُ الضاغطةُ ووصفتهُم بأعداءِ السَّاميةِ (Anti semetis) ودمَّرتْ حياتَهُم المهنيَّة بالسرِّ والعلنِ!.

إنَّها سرديَّةٌ مثل الأكمةِ، وراءهَا مَا وراءَهَا، مِن غاياتٍ لَا جَرَمَ أنَّها مُرِيبةٌ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store