سالم.. قصة صغيرة لشاب غادر أرضه إلى الغرب، وهناك بدأت متاعبه مع الحياة التي لم يجدها كما يعتقد البعض، أو يراها في رحلة قصيرة، أو كما يصفها بعض معاتيه أدوات التواصل الذين ينشرون - عبر حساباتهم- يومياتهم عن رحلاتهم المملوءة بصور فاتنة للحياة ولجمال الطبيعة الخلابة، كان سالم يتابع بحرص كل شيء يحدث هناك، وكان يقارن بين حياته في السودان وحياة الآخرين في أوروبا، وظل هكذا مفتوناً بكل شيء، بالبقرة التي كانت تتبختر في الحقول، وبالشاة والدجاجة والبيضة وفتنة الطبيعة، وحين امتلأ صدره بالجنون؛ قرر أن يرسم فوق دفتره خريطة حياة تمكنه من الهروب من واقعه؛ إلى العالم الذي كان يراه جميلاً في عالم التواصل..!!
وحين نفَّذ خطته وانضم إلى فريق يقوم بتهريب البشر مقابل أموال طائلة، دفع كل ما يملك، واندفع بقوة نحو المستقبل الذي كان يتمناه يكون حقيقة حياة؛ وقصة نجاة من الفقر والتعاسة، ووصل سالم إلى وجهته بعد موت وتعب وعذاب، وهناك كانت الصدمة حين وجد نفسه بين موت جديد، بين التعاسة التي كانت تأتيه من كل مكان، من البرد، من الجوع، من الفقر، من المرض، من العذاب الذي كان يعيشه يومياً تحت الجسور، وظل هكذا يموت يومياً، حتى وصل به الأمر إلى مرض كاد أن يهلكه، لولا أنه قرر الذهاب إلى سفارة بلاده، طالباً مساعدته في العودة إلى موطنه، وحين عاد قرر سالم أن يبدأ الحياة فوق أرضه، مزارعاً ومربياً للأغنام، وحين فتح الله عليه، عاد سالم إلى أوروبا مستثمراً، وهناك بدأ سالم حياة جديدة، وهناك اشترى شقة أنيقة على ضفاف النهر، وهناك تزوج سالم من فتاة أوروبية، وهناك حصل سالم على الجنسية، لتبدأ مع سالم - الذي يقتلك ضحكاً- حكاية جديدة، عن سعادته وعن تعاسته معاً، عن حياته الزوجية، ومشكلته الكبرى مع كلب زوجته التي (لا) تريد أن تتخلى عنه، وهو كلب كما يقول عنه سالم، مزعج جداً، كلب مدلَّل، لدرجة أنه يرفض أن ينام بعيداً عن أحضانهم وعن فراشهم، وفوق كل هذا يضحك سالم للحياة التي بقدر ما أشقته أسعدته..!!
(خاتمة الهمزة).. بعض الحكايات الموجعة تقدم لنا رسائل موجزة جداً، وكأنها تكتب لنا رسائل إشعار بالحياة.. وهي خاتمتي ودمتم.