Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

أسماء عوائل مكة قديماً

A A
إن العمل هو غاية من غايات الإنسان، وأمر جليل يعيش الشخص من أجله، ويبذل جهده لتحقيقه.

وللعمل أهمية عظيمة في حياة الإنسان؛ تؤدي إلى تغيير عاداته وشخصيته ومسار حياته كلياً، ولقد تم تعريف العمل على أنه النشاط الذي يعتمد على بذل الجهد من أجل الحصول على المال.

وأقول مقتبساً مما قاله الكاتب والفيلسوف الفرنسي في عصر التنوير «فرانسوا فولتير» عن أهمية العمل في حياة الإنسان: «إن العمل يبعد عن الإنسان ثلاثة شرور؛ السأم والرذيلة والحاجة».

لا يزال في الذاكرة وأنا في المرحلة الابتدائية بحي «المسفلة» أحد أشهر الأحياء في المدينة المقدسة مكة المكرمة، كنتُ أتأملُ جيراننا في الحي، فأجد فيهم النجار، والحداد، والطباخ، والبناء، والصباغ، والسمكري، والحداد وغيرهم من أصحاب المهن اليدوية.

وكان اللافتُ للنظر هو أنّهم في معظمهم من السعوديين أبناء البلد، ولم يكن أحدٌ منهم يستحي أو يشعر بالنقص والخجل من عمل، بل كانوا يفتخرون باتقانهم لعملهم، وتميزهم فيه، إلى درجة أن عدداً من العوائل المكية قد انتسبتْ إلى مهنتها، فكان في مكة بيت النجار، وبيت الحداد، وبيت الطباخ، وبيت السمان، وبيت البنا، وبيت السمكري، وبيت الحطاب، وبيت الفحام، وهكذا.

وبعدما أفاء الله سبحانه على بلدنا الحبيبة المملكة العربية السعودية بما أفاء من خيرات وبركات، أمَّها كثيراً من أبناء الشعوب الأخرى، حتى وصلت العمالة الوافدة إلى أكثر من مئتي جنسية، ومن هنا أصبحت بلادنا أشبه ما تكون بمعهد عالمي للتدريب، تعلمت فيه العمالة الوافدة الكثير من المهن، ثم أسهمت بما استطاعت الإسهام به.

في تلك الفترة، ابتعد شبابنا عن ممارسة الأعمال المهنية، حتى ظَنَّ بهم مَنْ لا يعرف تاريخ هذا البلد العظيم أنهم سيعيشون عالة على غيرهم، وأنّهم لا يستطيعون تدبير أمورهم بأنفسهم.

ليس صحيحاً أن الشباب السعوديّ قد أفسدته (الطفرة) الاقتصادية التي مرت بها المملكة، وبات غير قادر على العمل والإنتاج، بل هو إنسان منتج مبدع.

لكن من المهم هنا أن يعي الشابّ السعوديّ حقيقة أن العمل الحُر الحلال لا يعيبُ أحدا،ً فقد كان أنبياء الله - صلوات الله وسلامه عليهم- يعملون بالرعي، والنجارة، والحدادة. ونبي الله موسى - عليه السلام- كان يعمل في رعي الأغنام، وهذا ما جاء في إحدى آيات القرآن الكريم: (وما تلك بيمينك يا موسى، قال هي عصاي أتوكأ عليها، وأهشُّ بها على غنمي، ولي فيها مآرب أخرى).

إن الانخراط في هذه المجالات المهنية سيوفر للوطن كفاءات فاعلة، تغنيه عن الاحتياج للآخرين، وسيحدث توازناً محموداً، وتوزيعاً سليماً، بين من يسهم بعلمه وفكره وماله، ومن يسهم بعمل يده، فيحصل التكامل والتكافل.

لقد وضع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله رؤية المملكة (2030)، ولهذه الرؤية أهداف طموحة،ً لن نتمكن من تحقيقها ما لم نخض كل مجال، ونقتحم كل ميدان،ٍ بعيداً عن ثقافةٍ كانتْ تتوهّم (العيب) فيما هو في حقيقته شرفٌ للإنسان.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store