يحملُ المعلِّمُ رسالةً هِي مَا ينفردُ بهِ عَن غيرهِ، وحتَّى ينجحَ المعلِّمُ فِي أداءِ تلكَ الرسالةِ فإنَّه لابُدَّ مِن أنْ يشعرَ هُو أنَّ مَن حولَهُ يقدِّرُونَ لهُ ذلكَ، فيعظِّمُونَ مِن شأنِهِ، ويحرصُونَ علَى ألَّا يخرجَ أبناؤهُم مِن منازلِهِم إلَّا وقدْ حملُوا فِي صدورِهِم تقديرَ معلِّميهِم، ومَا يجبُ أنْ يكونُوا عليهِ وهُم يجلسُونَ بينَ أيديهِم، لينهلُوا مِن مناهلِ العلمِ، ليصبحُوا غدًا كمَا هِي أمنياتُهُم، وأمنياتُ ذويهِم.
إنَّ مِن أهمِّ مَا يمكنُ أنْ يعينَ المعلِّمَ علَى أداءِ رسالتِهِ أنْ يجدَ مِن طلابِهِ ذلكَ التقديرَ، الذِي يجعلُهم ينصتُونَ فِي حضرتِهِ، ويستجيبُونَ لهُ عندَ أمرهِ، ونهيهِ، ويقفُونَ احترامًا لهُ حيثمَا كانَ داعِي توقيرِهِ، وشكرِهِ، وهذَا إنْ تحقَّقَ فقدْ اختصرنَا علَى المعلِّمِ الكثيرَ مِن الجهدِ، والكثيرَ الكثيرَ مِن العناءِ باتجاهِ بلاغِ رسالتِهِ.
إنَّ ممَّا يجبُ التنبُّه لهُ -اليومَ- أنَّ مكانةَ المعلِّمِ ليستْ كمَا هِي بالأمسِ، ولذلكَ أسبابٌ كُثُر أجدُ أنَّ أقصرَ الطرقِ لإعادةِ تلكَ المكانةِ سيرتهَا الأُولَى أنْ تقومَ كلُّ أسرةٍ بدورِهَا فِي تربيةِ أبنائِهَا علَى خُلقِ احترامِ المعلِّمِ، وهنَا يحضرنِي حديثٌ لأحدِ المعلِّمِينَ (الموفدِينَ) إلَى إندونيسيَا، وكيفَ هِي مكانةُ المعلِّمِ هناكَ، وإلَى أيِّ مدَى وصلَ احترامُ الطُّلابِ للمعلِّمِ، فِي صورةٍ عبَّرَ عنهَا بمَا كانتْ عليهِ مكانةُ المعلِّمِ قديمًا هنَا.
إنَّنَا قبلَ أنْ نستدعِيَ مكانةَ المعلِّمِ مِن جهةٍ هنَا أو جهةٍ هناكَ، فإنَّ أهمَّ مَا يجبُ أنْ يُبدأَ بهِ داخلَ المدرسةِ، مِن خلالِ سلوكِ الطلابِ، الذِي يتمثلُونَ بهِ مَا تكنُّه صدورُهُم مِن تقديرٍ لمعلِّميهِم، وهذَا (السموُّ) مِن التعاملِ لَا يمكنُ الوصولُ لهُ إلَّا مِن خلالِ تربيةِ الأسرةِ لأبنائِهَا.
فِي وقتٍ كيفَ لنَا أنْ ننشدَ الوصولَ إلى ذلكَ، والأسرةُ ذاتهُا تحتاجُ إلَى أنْ تستشعرَ مكانَةَ المعلِّمِ، فِي زمنٍ أصبحتِ النظرةُ إلَى المعلِّمِ بمَا يأخذُ مِن مكانتِهِ، وقلَّ أنْ تجدَ مَن يضيفُ إليهَا، وصولًا إلَى تلكَ المرحلةِ التِي وصلَ الحالُ بالمعلِّمِ فيهَا إلَى مرحلةِ (النَّدمِ)؛ كونهُ اختارَ أنْ يكونَ معلِّمًا.
إنَّ معلِّمَ اليَوم فِي أشدِّ حاجةٍ أكثرَ مِن أيِّ وقتٍ مضَى إلى أنْ يُعادَ النظرُ فيمَا تعانيهِ (مكانتهُ) مِن غربةٍ، وقدْ حانَ الوقتُ إلى جملةٍ مِن الإجراءاتِ، التِي ترفعُ مِن شأنِ المعلِّمِ، وتحفظُ أمامَ مَن لَا يقدِّرُ ذلكَ مكانتهُ، وحتَّى تكونَ تلكَ الإجراءاتُ فاعلةً فليكن الطالبُ فِي ذلكَ (المبتدأ) مِن أسرتِهِ كمَا هُو هدفُ (البناءِ) فِي مدرستِهِ.. وعِلمِي وسَلامتكُم.