Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

ندوة ومؤتمر (عالمية المكانة).. والمسؤولية الوطنية

A A
يعتبر مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية من أعظم المشاريع التي أُطلقت لتعزيز دور المسجد في المجتمع، وذلك منذ عام ٢٠١٨م من أجل الحفاظ علي الهوية العمرانية السعودية، ومشاركة ثقافة المملكة وتراثها الحضاري الإسلامي مع دول العالم؛ الذين يفدون للسياحة في المملكة؛ حيث تم ترميم ٣٠ مسجداَ ذات القيمة التاريخية في مختلف مناطق المملكة، وكانت تكلفة المرحلة الأولى (١٥٠ مليون ريالا)، وهناك (١٠٠ مسجد) آخر قيد الترميم والتطوير.

ولأن أبناء المملكة ورجالات الأعمال فيها يأبون إلا أن يشاركوا في التنمية الوطنية لمثل هذه المشاريع، فهم والدولة شركاء فيما يحقق المصلحة الوطنية العليا، ومنها المساجد، لعظم الدور الذي تقوم به، ليس دينياً وتعبدياً فقط، بل وأدوار اجتماعية معنوية وحسية كبرى.

وقد تشرفت بالدعوة الكريمة من المهندس أنس صيرفي لحضور الندوة الخاصة عن الحرمين الشريفين (عالمية المكانة)، الأحد ٦ أكتوبر ٢٠٢٤، حيث كان هناك حفل الافتتاح بالإضافة إلى المؤتمر العلمي والذي امتد ليومين، وكان برعاية جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد، بالمشاركة مع وقف (المداد للتراث والثقافة والفنون)، والذي يتبناه الشيخ الفاضل المكي صالح صيرفي، حيث تم دعوة النخب العلمية في فن العمارة الإسلامية وبعض المثقفين والإعلاميين المهتمين بالتراث والآثار الإسلامية.

‏كان الحفل أكثر من رائع بما قدم به من أفلام عن (جائزة الفوزان في عمارة المساجد)، والتي ربما لم تأخذ حقها الإعلامي وتعريف المجتمع بها، وهي التي تأسست منذ عام ١٩٧٠م؛ وكانت في دورتها الأولى محلية، ثم في دورتها الثانية ضمت دول مجلس التعاون الخليجي، وفي الدورة الثالثة شملت المساجد العالمية، وفي دورتها الرابعة الآن عن المسجد الحرام. كما لديهم طباعة 9 كتب من أنفس الكتب العلمية التي كُتِبَت عن عمارة المساجد.. ورئيس مجلس الأمناء للجائزة هو صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان، الذي حلَّق في الفضاء يوما.. فرأى تراث المملكة ‏والمساجد من أجمل ما يجب إبرازه للعالم، فهي أيقونة الحضارة الإسلامية.

‏كما كان الفيلم الوثائقي لمؤسسة (المداد للتراث والثقافة والفنون) مبهراً للحراك الثقافي التراثي؛ الذي تتبناه هذه المؤسسة الرائدة، حيث أنشأت ٤ متاحف لمواكبة رؤية المملكة 2030م؛ ‏ففي عام 2021 أُنشيء (متحف دار الفنون الإسلامية)، ‏ويحتوي على 1000 قطعة فنية نادرة، وقبل أكثر من خمسة عشر قرناً من الزمان، وحصوله على جائزة أفضل المتاحف الخاصة ‏في مجال الآثار لمتاحف دول الخليج العربي. ثم افتتاح (متحف المكتين) في 2022م من خلال رسوم تاريخية عن مكة المكرمة والمدينة المنورة والتصوير الفوتوغرافي، ومنذ عدة قرون. وفي عام 2023 دُشن متحف (الشفاء)، وهو عن إسهامات العلماء والأطباء المسلمين في الاكتشافات العلمية. كما افتتحت المؤسسة مركز للتدريب على السياحة والبرامج التراثية، وتدرب بها أكثر من ٩٠٠ شخص، وللمستقبل هناك توجُّه لإنشاء متحف التراث والأزياء. وكم نشعر بالفخر بأبناء الوطن مثل المهندس أنس صيرفي الذي يجعل همّه الإشراف على المبادرات والمشاريع الحيوية التي تخدم الوطن، وترفعه عالياً في المؤشرات العالمية.

‏ثم جاءت كلمة معالي الشيخ عبدالرحمن السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف مسك الختام في إبراز جهود الدولة السعودية في خدمة الحرمين الشريفين، والتوسعات الضخمة التاريخية، ومنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه- مروراً بأبنائه الكرام وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في صناعة أعظم قصة نجاح في البناء الإسلامي، وخدمة المعتمرين والحجاج، وتوفير أقصى درجات الراحة والطمأنينة لهم؛ وأنها رسالة المكان وعالمية المكانة لهذه البقاع المقدسة، فهي قبلة المسلمين، ومهوى أفئدتهم وعالمية الدين الإسلامي، فهو للناس جميعاً، وليس للمسلمين فقط، بدليل قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)، ويجب أن تصل رسالة الحرمين الشريفين للعالم وإلى الناس أجمعين؛ لنشر مبادئ هذا الدين القويم. كما أكد معاليه على استعداد الرئاسة العامة التعاون مع مؤسسة جائزة الفوزان ومؤسسة المداد للتراث والثقافة والفنون والشراكة النموذجية معهم؛ في كل ما يخص الحرمين الشريفين وفي خدمة بيوت الله.

‏وكانت من أهم توصياته أن يكون الكتاب (رقم ١٠) عن جهود المملكة العربية السعودية في عمارة الحرمين الشريفين الحسية والمعنوية، ودعم المجال التقني والذكاء الاصطناعي لخدمة رواد الحرمين الشريفين، بل وكافة بيوت الله.

‏نعم هؤلاء هم أبناء الوطن، مشاركة وتعاضد وتعاون مع الدولة، التي قدمت لهم الكثير من الدعم، وآن الأوان لرد جزء من الجميل لتحقيق مستهدفاتنا الوطنية والعالمية.

وللحديث بقية إن شاء الله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store