Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تراثنا العالمي

A A
تزخرُ المملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ بالمواقعِ الأثريَّةِ والتراثيَّةِ التِي تتابعَ فيهَا البناءُ منذُ آلافِ السِّنين، وهذهِ المواقعُ تتنوَّعُ فيهَا الشواهدُ الأثريَّةُ المعماريَّةُ والمكتوبةُ مَا بينَ مبانٍ ونقوشٍ ورسومٍ صخريَّةٍ تغطِّي معظمَ أراضيهَا. وتراثٍ شعبيٍّ يغطِّي الاحتياجاتِ الإنسانيَّةَ فِي الصناعةِ والفنونِ والعاداتِ والتقاليدِ، بلْ وفِي أدقِّ تفاصيلِ الحياةِ اليوميَّةِ، وهذَا التراثُ يوطِّدُ العلاقاتِ بينَ أفرادِ المجتمعِ ويعزِّزُ ويدعمُ الانتماءَ والقيمَ الوطنيَّةَ، فالهويَّةُ الوطنيَّةُ تشكَّلتْ بينَ الأرضِ والمجتمعِ المسؤولِ الواعِي بثقافتِهِ وتاريخِهِ وعاداتِهِ وتقاليدِهِ، وهذهِ العلاقةُ تنظِّمهَا السلطةُ الملكيَّةُ مِن خلالِ القوانِين التِي غايتهَا الاستقرارُ والنماءُ والرفعةُ والأمنُ والأمانُ، وهُو مَا ركَّز عليهِ أئمةُ وملوكُ المملكةِ؛ فالمملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ استطاعتْ أنْ تشكِّلَ هويتهَا الوطنيَّةَ منذُ أقدمِ العصورِ حتَّى وقتنَا الحاضرِ.

أضفْ إلى ذلكَ الوعيَ وعمقَ الفهمِ والمعرفةِ بالتَّاريخِ والتراثِ، وإدراكَ أهميَّته بين أفرادِ المجتمعِ؛ فالمملكةُ تدركُ أهميَّة هذَا الإرثِ التاريخيِّ والحضاريِّ؛ لذَا عملتْ علَى حفظِهِ وتوثيقِهِ فِي قائمةِ التراثِ الوطنيِّ، وقائمة أُخْرى عالميَّة تروِّجُ لهُ وتعتزُّ بهِ وتباهِي بهِ بينَ الدولِ.

وتُعدُّ اتفاقيَّات وبرامجُ منظَّمةِ الأممِ المتحدةِ للتربيةِ والعلمِ والثقافةِ (اليونسكو) مِن المنصَّاتِ العالميَّةِ التِي تروِّج للتراثِ، فهِي منصَّةٌ عالميَّةٌ استثنائيَّةٌ تعملُ علَى تفعيلِ التعاونِ الدوليِّ، وتؤسِّسُ نظامًا إداريًّا ثقافيًّا يعملُ علَى تقويةِ الروابطِ بينَ الشعوبِ مِن خلالِ تعزيزِ مفهومِ التساوِي بينَ الثقافاتِ واحترامهَا. وبصورةٍ عامَّةٍ تسعَى هذهِ المعاهداتُ الدوليَّةُ إلَى حمايةِ وصونِ التراثِ الثقافيِّ والطبيعيِّ للعالمِ، وهذَا مَا ركَّزتْ عليهِ المملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ فِي رؤيتهَا ٢٠٣٠؛ لإدراكِهَا أهميَّة الإرثِ التاريخيِّ والحضاريِّ وأهميَّة تقديمِهِ للأجيالِ اللاحقةِ والتفاخرِ بهِ. ونتيجة لذلكَ؛ قامتْ بالعديدِ مِن المبادراتِ المحليَّةِ والإقليميَّةِ والدوليَّةِ التِي تهدفُ إلى التعريفِ بالتراثِ وتوثيقهِ وضمانِ استدامتهِ.

وأدرجتِ المملكةُ علَى هذهِ القائمةِ العالميَّةِ عددًا من الاتفاقيَّاتِ والبرامجِ، منهَا: ٨ مواقعَ علَى قائمةِ التراثِ العالميِّ، و٢ على قائمةِ برنامجِ ذاكرةِ العالمِ، و١٢ عنصرًا علَى قائمةِ اتفاقيةِ ٢٠٠٣ «التراث الشَّعبي»، و٣ مدنٍ علَى شبكةِ المدنِ المبدعةِ. أضفْ إلى ذلكَ، سجلتِ المملكةُ أيضًا عناصرَ تراثيَّةً علَى قائمةِ اتفاقيَّةِ الإنسانِ والمحيطِ الحيويِّ والحدائقِ الجيولوجيَّةِ العالميَّةِ، وغايةُ هذَا التسجيلِ تعزيزُ هويةِ المملكةِ عالميًّا، مِن خلالِ تراثهَا والترويجِ لهُ، والذِي ينتجُ عنهُ الرفعُ من الجدوَى الاقتصاديَّةِ، وخفضُ نسبةِ البطالةِ، ودعمُ الجهاتِ ذات العلاقةِ والممارسِينَ؛ ممَّا يؤدِّي إلى استكمالِ الصورةِ البصريَّةِ للمورثِ الثقافيِّ وصونِهِ وحمايتِهِ وضمانِ استدامتِهِ.

وفِي مجملِ القولِ: يؤكدُ العمقُ التاريخيُّ والحضاريُّ للمملكةِ تراثهَا الثقافيَّ الذِي يغطِّي معظمَ أراضيهَا، والبعثاتِ الأثريَّة التِي تنقِّبُ وتكشفُ عَن هذَا التراثِ وتعلنُ عنهُ مِن خلالِ القنواتِ الرسميَّةِ المتمثِّلةِ بوزارةِ الثقافةِ، ومَا أدرجَ علَى هذهِ القائمةِ الدوليَّةِ «اليونسكو» أو اكتشفَ مِن هذَا التراثِ لَا يُعدُّ سِوَى غيضٍ من فيضٍ. أ.د. سلمى هوساوي

@hosawi_s

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store