Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

من يعوِّض المدرِّسَين؟!

A A
ما إنْ ظهرَ طفلٌ ملثمٌ بمقطعٍ مرئيٍّ، مدَّعيًا تعرُّضَهُ للاعتداءِ الجنسيِّ مِن قِبلِ مدرِّسَينِ بإحدَى المدارسِ الابتدائيَّةِ، حتَّى أطلَّتْ رؤوسُ المستشرفِينَ، ليصادقُوا علَى صحَّةِ الواقعةِ، ويطالبُوا بأخذِ حقِّ الضحيَّةِ، ويشهِّرُوا بالمتَّهمَينِ وينعتُوهُمَا بأقذعِ العباراتِ المسيئةِ، دونَ أنْ يمنحُوهمَا حقَّ المحاكمةِ العادلةِ، دونَ أنْ يستمعُوا لأقوالِهِمَا حولَ التُّهمِ المنسوبةِ، ودونَ أنْ ينتظرُوا -علَى الأقلِّ- صُدُور نتائجِ التحقيقاتِ الأوَّليَّةِ التِي أجرتهَا -مشكورةً- الجهةُ الأمنيَّةُ!!

والآنَ، بعدَ أنْ أعلنتِ الجهةُ الأمنيَّةُ (عدمَ صحَّةِ ادِّعاءِ الطفلِ)، مَن يعوِّضُ المدرِّسَينِ عَن السُّمعةِ النَّقيَّةِ التِي كانَا يعدُّانهَا (رأسمالِ) مسيرتِهِمَا التعليميَّةِ، قبلَ أنْ يستيقظَا فجرَ ذلكَ اليومِ المشؤومِ، وأسماؤهُمَا وصورهُما تملأُ واجهاتِ المنصَّاتِ الاجتماعيَّةِ، متَّهمَينِ بأبشعِ جريمةٍ أخلاقيَّةٍ، لَا يمكنُ لمَن كانَ بمكانتِهِما المعتبرةِ، التَّفكِير بارتكابِهَا حتَّى فِي أحلامِ اليقظةِ!!

تخيَّلُوا، أحدَ المستشرفِينَ الجهلةِ، نشرَ عبرَ حسابهِ بمنصَّة «X» هذهِ التغريدةِ المسيئةِ، التِي تُعدُّ بمثابةِ رصاصةٍ نافذةٍ دبَّتْ بقلوبِ المتَّهمَينِ بالواقعةِ، ذكرَ فيهَا: «صورُ السافلَينِ المجرِمَينِ البيدوفيليَّين اللَّذين اعتدَيَا عليهِ هُنَا! (وذكرَ اسمَينِ) -ثمَّ أكملَ- الطفلُ الذِي بالفيديُو شجاعٌ ولازمْ يعرفُ أنَّ الذِي صار مُو ذنبهُ، خاصَّةً أنَّه شجاعٌ ودافعَ عَن نفسِهِ واستنجدَ وتكلَّمَ، العارُ علَى المجرمَينِ البيدوفيليَّينِ، وعلَى مَن خذَلَ هذَا الطفلَ.. يَا إخوان يتيمٌ تخيَّلُوا»!!

لذلكَ، كمَا استجابتِ الجهةُ الأمنيَّةُ بسرعةٍ فائقةٍ لاستغاثةِ الطفلِ حتَّى فكَّت لغزَ واقعةِ المدرسةِ وأظهرتِ الحقيقةَ، يجبُ علَى مؤسساتِ المجتمعِ المدنيَّةِ، وعلَى رأسِهَا هيئةُ حقوقِ الإنسانِ، الاستجابةُ للقهرِ والغبنةِ التي تتملَّكُ المدرِّسَينِ اللذَينِ أُريقتْ كرامتهُمَا الأبيَّة، وعدم تركهِمَا وحدَهُمَا لدوامةِ تقديمِ شكاوَى الحقِّ الخاصِّ ومراجعةِ الجهاتِ المختصةِ، بلْ يجبُ عليهَا تكليفُ المحامِينَ لديهَا، لأخذِ حقِّهِمَا بالوكالةِ مِن كافَّةِ الأطرافِ المتسبِّبةِ بهذهِ المكيدةِ والفضيحةِ المدوِّيةِ.

نعمْ، إنَّ براءةَ المدرِّسَينِ مِن تُهمةِ الاعتداءِ علَى الطفلِ بالمدرسةِ، لا تكفِي لقفلِ ملفِّ القضيَّةِ، ولَا لإسدالِ الستارِ عَن هذهِ الفضيحةِ؛ لأنَّ سُمعةَ النَّاسِ ليستْ لعبةً، بلْ يجبُ ملاحقةُ المحرِّضِينَ والمشهِّرِينَ (تجَّارِ القضيَّة)، وتغليظُ عقوبتِهم وفقَ نظامِ مكافحةِ جرائمِ المعلوماتيَّةِ، بتغريمِ كلٍّ منهُم 500 ألفِ ريالٍ، وسجنهِ مدَّة سنةٍ، إضافةً للعقوباتِ التبعيَّةِ كالتَّشهيرِ، وشطبِ ترخيصِ إعلانِهِ، وقفلِ حساباتِهِ، مع تمكينِ المدرِّسَينِ البَريئَينِ مِن نَيلِ تعويضاتٍ مليونيَّةٍ مجزيةٍ.

وللمعلوميَّةِ، اعتادَ مشاهيرُ الفلسِ علَى الاقتياتِ مِن وراءِ قضايَا الشارعِ الجديدةِ، كقضيَّةِ هذا الطفلِ الذِي بهتَ المدرِّسَينِ بادِّعاءاتِهِ الكاذبةِ، حيثُ يقيسُونَ حجمَ مشاهداتِ المحتوَى المثيرِ الذِي ينتجُونَه، معَ حجمِ العقوبةِ التقديريَّةِ، ثمَّ يجازفُونَ بنشرِهِ وترويجِهِ، لهَذَا يجبُ عدمُ التَّهاونِ فِي إيقاعِ جملةِ العقوبةِ المغلَّظةِ، وفرضِ التعويضاتِ الرَّادعةِ، حتَّى لا نعودَ معَ أقربِ قضيَّةِ، لطرحِ ذات الأسئلةِ المحيِّرةِ: (مَن يعوِّضُ المدرِّسَينِ؟!) مَن يحمِي سمعةَ النَّاسِ المعتبرةَ؟!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store