من قلبِ العاصمةِ الرياض انطلقتْ فعالياتُ -ملتقَى الصحَّة العَالَمِي- وهو الأضخمُ من نوعهِ، حيثُ تلتقِي الخبراتُ، وتتواصلُ الكفاءاتُ، وتُعقد الجلساتُ العلميَّةُ، وتُطرحُ التجاربُ المبتكرةُ، من أجلِ بناءِ مستقبلٍ صحيٍّ مشرقٍ واعدٍ، يقودُنَا لتوحيدِ الجهودِ وتشكيلِ مستقبلِ الرعايةِ الصحيَّةِ الذِي يعزِّزُ الابتكاراتِ ويستهدفُ المهنيِّينَ والعاملِينَ بالقطاعِ والمهتمِّينَ بصحَّتهِم والمستثمرِينَ والتنفيذيِّينَ.
في هذَا الملتقَى كانَ هناكَ جناحُ -عِش بصحَّةٍ- حيثُ التقتِ الأفكارُ فِي مضمارِ المشيِ، ومسرحِ تكلَّم، ومنطقةِ أسلوبِ الحياةِ، وأبدعتْ وزارةُ الصحَّة فِي المنتجاتِ والخدماتِ التجاريَّةِ، ومناطقِ الأُسرةِ والطفلِ، ومناطقِ النشاطِ الحركيِّ، ومنطقةِ الفنِّ والصحَّةِ.
تابعتُ عبرَ قنواتِ التلفزيونِ السعوديِّ، الجلسةَ الاستثنائيَّةَ لمعالِي الوزراءِ فِي الصحَّةِ، والاستثمارِ والصناعةِ، والمواردِ البشريَّةِ، في أجواء نقاشٍ مثمرٍ ورؤى طموحةٍ تحتَ عنوانِ: استثمرْ فِي الصحَّةِ بناءَ رؤيةِ المستقبلِ.
ومَا أجملَ عبارةِ معالِي وزيرِ الصحَّة أ. فهد الجلاجل: (هنَا المملكةُ، وهنَا صحَّةُ الإنسانِ أوَّلًا)؛ ليعلنَ للعالمِ بأنَّ المملكةَ أوَّل دولةٍ إقليميًّا وصلتْ إلى مستوَى النضجِ الرابعِ فِي مجالِ تنظيمِ الأدويةِ واللقاحاتِ، وأكثر مِن خمسينَ مليارَ ريالٍ سعوديِّ كانتْ قيمةُ إطلاقاتِ واتفاقيَّاتِ ملتقَى الصحَّة العالميِّ، واستهدفتْ هذهِ الاتفاقيَّاتُ معالجةَ التحدِّياتِ العالميَّةِ الصحيَّةِ؛ ورفاهَ وصحَّةَ المواطنِ السعوديِّ؛ وتطويرَ الكوادرِ البشريَّةِ، وذلكَ دعمًا لتطويرِ التحولِ الصحيِّ. و28 مليونَ مستفيدٍ مِن نموذجِ الرعايةِ الصحيَّةِ الحديثِ، و50 مليونَ موعدٍ واستشارةٍ افتراضيَّةٍ، 30 مليونَ مستفيدِ مرتبطٍ بالملفِّ الصحيِّ الموحَّدِ (نفيس)، 170 برنامجًا صحيًّا، وأكثر من 7 آلافِ مقعدٍ لتوسُّعِ البوردِ السعوديِّ، و16 مدينةً صحيَّةً فِي المملكةِ استوفتْ 80 معيارًا صحيًّا.
في ملتقى الصحة العالمي، منحت 2600 إقامة استثنائية مميزة لكفاءات صحية تعمل في المملكة؛ نظير جهودهم المتميزة من أكثر من 50 جنسية، كما تم إطلاق التوأم الرقمي عبر تطبيق صحتي، وهو المختص بالتنبؤ المبكر بخطر إصابة الفرد، وربط الفرد مع الطبيب؛ لتحقيق مستهدف الرعاية الصحية الوقائية.
وقدْ تمَّ استعراضُ الإنجازِ العالميِّ بجهودٍ وطنيَّةٍ، وهو مستشفَى صحَّة الافتراضيّ، ودخولهُ موسوعةَ جينيس فِي خطوةٍ تعزٍّزُ دورهُ الرياديَّ فِي التحوُّلِ الرقميِّ للقطاعِ الصحيِّ. وهذَا يؤكدُ توسيعَ النطاقِ للخدماتِ، وتسهيلَ الوصولِ إلى الرعايةِ الصحيَّةِ، وتطويرَ الخدماتِ الصحيَّةِ الافتراضيَّةِ. ومِن أجملِ مَا سمعتُ أثناءَ الجلسةِ الحواريَّةِ للوزراءِ مَا تمَّ تداولهُ عَن اتفاقيَّةِ توطينِ صناعةِ الأنسولِين فِي المملكةِ، وهذهِ الاتفاقيَّة تستهدفُ تحقيقَ الأمنِ الدوائيِّ والصحيِّ فِي المملكةِ، وتعزيزَ توطينِ الصناعةِ الطبيَّةِ والدوائيَّةِ ذات الأولويَّةِ، وتعزيزَ ريادةِ المملكةِ فِي الصناعاتِ الطبيَّةِ والدوائيَّةِ، حيث أبرمت الاتفاقيَّة معَ شركةِ نوبكو، وشركةِ نوفونورديسك، وشركةِ سانوفي. كمَا عقدت اتفاقيَّة لتصنيعِ العلاجِ المناعيِّ بالخلايَا التائيَّة المبرمجةِ والتِي تستهدفُ تحقيقَ الاكتفاءِ الدوائيِّ، وتحفيزَ الاستثماراتِ، وخفضَ التكاليفِ العلاجيَّةِ، ووضعَ المملكةِ كمركزٍ عالميٍّ للعلاجاتِ الجينيَّةِ والمناعيَّةِ. وأبرمت الاتفاقيَّة معَ مدينةِ الملكِ فهد الطبيَّةِ، وشركةِ بوسطن أونكولوجي. كمَا تمَّ عقدُ اتفاقيَّةِ تبادلِ المعلوماتِ الصحيَّةِ بينَ جامعةِ الإمامِ عبدالرحمن بن فيصل، والمجلسِ الصحيِّ السعوديِّ، وعددٍ كبيرٍ مِن الاستثماراتِ والاتفاقيَّاتِ الملهمةِ؛ دعمًا للمجالِ الصحيِّ فِي المملكةِ، ومساهمةً في معالجةِ التحدِّياتِ الصحيَّةِ فِي العالمِ. وفِي هذَا الملتقَى العالميِّ تمَّ توقيعُ اتفاقيَّةٍ بينَ وزارةِ الصحَّةِ، وسدايَا للتَّعاونِ في مجالاتِ إدارةِ البياناتِ الوطنيَّةِ للقطاعِ الصحيِّ؛ بهدفِ رفعِ مستوَى الالتزامِ بالأدواتِ التنظيميَّةِ للبياناتِ الوطنيَّةِ فِي المملكةِ، وتنميةِ القدراتِ الوطنيَّةِ، وتعزيزِ المهاراتِ المرتبطةِ بالبياناتِ، وفقَ الأحكامِ والسياساتِ المنظِّمة لذلكَ ونشرِ التوعيةِ في مجالِ إدارةِ البياناتِ.
في ملتقَى الصحَّةِ العالميِّ تجلَّت للعيانِ نتاجُ الفكرِ الإبداعيِّ للقائدِ المُلهَم وليِّ العهدِ ورؤيةِ 2030 التِي تؤتِي أُكلَها ويظهرُ خراجُهَا في كلِّ إنجازٍ وطنيٍّ، حيث تتجلَّى الأفكارُ المبدعةُ والحلولُ المبتكرةُ التِي تهدفُ لتنويعِ مصادرِ الدخلِ، وتجعلنَا نُعمِلُ عقولَنَا ونحفِّزهَا، من أجلِ الابتكارِ المعرفيِّ والاستثماريِّ، لنتحوَّلَ مِن مستهلكِينَ إلى منتجِينَ فِي كلِّ المجالاتِ وعلَى كافَّةِ الأصعدةِ..
بُوركَ لهذَا الوطنِ فِي قيادتِهِ الحكيمةِ، وفِي رجالٍ عظماءَ يقودُونَ مسيرةَ الإنجازاتِ، وشبابِ ونساءِ الوطنِ مِن العقولِ النيِّرةِ علَى قدرِ هذَا التحدِّي الذِي يجعلنَا نستثمرُ فِي الصحَّةِ.