في عصرِ التكنولوجيَا، أصبحَ استخدامُ الشاشاتِ جزءًا لا يتجزَّأُ مِن حياةِ الأطفالِ مِن الهواتفِ الذكيَّةِ إلى الأجهزةِ اللوحيَّةِ وألعابِ الفيديُو، وتُقدِّمُ هذهِ الشاشاتُ تجاربَ ترفيهيَّةً وتعليميَّةً متنوِّعةً، ولكنَّهَا تثيرُ هذهِ الظاهرة قلقَ الآباءِ والباحثِينَ بشأنِ تأثيرِ الاستخدامِ المفرطِ علَى النموِّ والتطورِ النفسيِّ للأطفالِ.
تشيرُ دراساتٌ عديدةٌ إلى أنَّ الاستخدامَ المفرطَ للشاشاتِ يمكنُ أنْ يرتبطَ بزيادةِ مستوياتِ القلقِ والاكتئابِ لدَى الأطفالِ، ووفقًا لدراسةٍ نُشرتْ فِي مجلَّةِ Preventive Medicine Reports، أظهرتْ أنَّ الأطفالَ الذِينَ يقضُونَ أكثرَ مِن ساعتَينِ يوميًّا فِي استخدامِ الشاشاتِ كانُوا أكثرَ عرضةٍ للاكتئابِ وقلقِ الأداءِ الدراسيِّ، وقد يتسبَّب قضاءُ وقتٍ طويلٍ أمامَ الشاشاتِ فِي عزلِ الأطفالِ عَن الأنشطةِ الاجتماعيَّةِ الحقيقيَّةِ؛ ممَّا يزيدُ مِن مشاعرَ الوحدةِ والانعزالِ.
وتؤكد الدراسات أيضا على التأثيرات السلبية للاستخدام المفرط للشاشات على الصحة البدنية للأطفال، حيث وجدت دراسة أخرى نشرت في Pediatrics أن الأطفال الذين يقضون وقتا طويلا على الشاشات يميلون إلى أن يكونوا أقل نشاطا بدنيا، مما يؤدي إلى زيادة مخاطر السمنة، ويساهمُ الوقتُ الذِي يقضيهُ الأطفالُ فِي مشاهدةِ التلفازِ أو اللعبِ علَى الأجهزةِ الإلكترونيَّةِ فِي تقليلِ الوقتِ المخصصِ للأنشطةِ البدنيَّةِ، ممَّا يؤثِّرُ سلبًا علَى صحتهِم العامَّةِ.
مِن المهمِّ أيضًا مراعاةُ كيفيَّةِ تأثيرِ الشاشاتِ علَى تطويرِ المهاراتِ الاجتماعيَّةِ، حيثُ وجدتْ دراسةٌ أُجريتْ فِي Journal of Developmental & Behavioral Pediatrics أنَّ الأطفالَ الذِينَ يقضُونَ الكثيرَ مِن الوقتِ علَى الشاشاتِ يميلُونَ إلَى مواجهةِ صعوباتٍ فِي التفاعلِ الاجتماعيِّ والتواصلِ معَ الآخرِينَ، ويمكنُ أنْ يؤدِّي هذَا إلى فجواتٍ فِي المهاراتِ الاجتماعيَّةِ إلى مشكلاتٍ في العلاقاتِ والقدرةِ علَى التفاعلِ فِي البيئاتِ الاجتماعيَّةِ.
في خضمِ هذَا التحولِ الرقميِّ، يجبُ أنْ نكونَ واعِينَ لتأثيرِ الشاشاتِ علَى أطفالِنَا، فبينمَا يمكنُ أنْ تكونَ التكنولوجيَا مفيدةً، مِن الضروريِّ مراقبةُ الوقتِ الذِي يقضيه الأطفالُ أمامَ الشاشاتِ وتوجيههم نحوَ استخدامٍ متوازنٍ، ويجبُ أنْ نعملَ علَى تشجيعِهم علَى الأنشطةِ البدنيَّةِ والقراءةِ والتفاعلِ الاجتماعيِّ الحقيقيِّ لضمانِ نموِّهِم وتطوُّرِهِم بشكلٍ صحيٍّ.