* في عام 1984م، كانت شركة «هاير» الصينيَّة تواجه أزمةً ماليَّةً خانقةً، إذ تراجعت مبيعاتها بشكل كبير، وأصبحت الشركة، التي كانت مختصَّةً في صناعة الثلاجات، مهدَّدةً بالإفلاس الكامل.. لكنْ من حُسن حظ الشركة أنَّها عيَّنت (زهانح روي من) كمدير تنفيذي لها، والذي لم يستغرق وقتًا طويلًا ليكتشف مكمن الخلل، فقدْ كان الإنتاج يعاني من رداءة واضحة في الجودة، وكانت مخازن الشركة مليئةً بالثَّلاجات الرديئة المتكدِّسة!.
* قرَّر المدير التنفيذي الشاب، مواجهة هذه العلَّة المتجذِّرة.. وبعين ثاقبة ورؤية غير تقليديَّة، أدرك أنَّ التحدِّي الأكبر ليس تقنيًّا، بقدر ما كان تحدِّيًا ثقافيًّا، وأنَّ شركته ليست بحاجة لتحسين منتجاتها فحسب، بل تحتاج إلى زرع ثقافة الجودة وقيم الانضباط والجديَّة والإتقان في قلوب وعقول كل العاملين من جديد.
* اتَّخذ المدير الجديد يومها قرارًا بدا غريبًا وصادمًا للكثيرين، لكنَّه كان مليئًا بالرمزيَّة والفكر القيادي الألمعي، إذ جمع كل العاملين أمام مخازن الشركة المليئة -كما قلنا- بالأجهزة الرديئة والمعيبة، وأمرهم بتدميرها بشكل جماعي.. وكانت حفلة تكسير جماعي صاخبة، حيث شارك كل العاملين تقريبًا في تحطيم آلاف المنتجات الرديئة، بواسطة مطارق كبيرة، ليجعل من هذا الحدث رمزًا قويًّا للتحوُّل، ودلالة عمليَّة على تغيُّر المرحلة والأفكار والثقافة الجمعيَّة حول معايير الجودة التي لن تقبل التهاون ولا الرداءة.. ولك أنْ تتخيَّل كيف كان تأثير هذه الصدمة الجريئة والمباشرة على العاملين، حيث رسخت لدى الجميع رسالة قويَّة مفادها أنَّ النجاح يتطلَّب أنْ تأتي الجودة أوَّلًا، وأنَّه لا مكان للمنتجات الرديئة، أو التساهل في العمل، داخل المنظَّمات الراغبة في الربح والتنافسيَّة.
* كان من الطبيعي جدًّا بعد هذا الحدث المفصلي الحاسم أنْ ترتفع الروح، ويزداد الالتزام بالجودة بين الموظفين، وأنْ تنمو الشركة بسرعة لتصبح اليوم إحدى كبرى شركات تصنيع الأجهزة المنزلية في العالم، ورمزًا عالميًّا في التحوُّل والابتكار، بعد أنْ قدَّمت درسًا في الإدارة يتحدَّث عن القوة الكامنة في اتخاذ خطوات حاسمة، وضرورة مواجهة المشكلات بشكل مباشر وجذري.
* في حياتنا العامَّة، هناك الكثير من العادات والأفكار والقناعات التي تشبه الثلاجات القديمة رديئة الصنع، والمؤسف أنَّنا في كثير من الأحيان نعتقد أنَّها صحيحة وفعَّالة، بينما كل الشواهد تقول إنَّها تحتاج إلى تحطيم حتى لا تقف عائقًا بيننا وبين تحقيق الجودة والتميُّز.
* راجع أفكارك وقيِّم قناعاتك بتجرُّد ونزاهة، ولا تتردد في تحطيم كل ما يؤخِّرك عن تحقيق الجودة، فمواجهة العقبات بجرأة يسهم في بناء أسس أقوى وأكثر صحة.. وكلَّما زادت شجاعتك في مواجهة الفوضى والرداءة، أصبحت الجودة والتميُّز جزءًا لا يتجزَّأ من حياتك.