* كان الأب مَع أطفاله الثلاثة في مدينة الألعاب، وقد تفاجأ بأنَّ كرت الألعاب الذي اشتراه قبل قليل من مكتب الاستقبال لا يعمل، قال في نفسه: ربَّما هذه اللعبة معطَّلة، جرَّبه على لعبة أُخْرى، إلَّا أنَّ الوضع لم يتغيَّر، ثم اختبره على معظم الألعاب، وكانت النتيجة ذاتها في كلِّ مرَّة، حينها نادى الأب أحد العاملين؛ حيث شرحَ له مشكلة ذلك الكرت، إلَّا أنَّه أيضًا لم يجد حلًّا، قائلًا له: لعلَّك تذهب إلى مشرف الألعاب ليبدِّله لك.
*****
* وهنا -والَأبُ في طريقه لذاك المشرفِ- تَقَدَّمَتْ إلَيه طِفِلَته الصَّغيرة، قائلة له: أبي، هل تسمح لي بأنْ أرى شكل كرت الألعاب الذي بين يديك، فقال لها: وماذا ستفعلين أنت؟ ومشغِّل الألعاب قبلك لم يستطع معالجة هذه المشكلة؟!
*****
* ولكن تحت إصرارها أعطاها الكَرت، وكَانت المُفَاجَأة أنَّ الصغيرة عندما تفحَّصته، قالت: يا أبي، هَذَا الكَرَت لَا يَخُصُّ هَذِه المَدِيِنَة، نعم يِشبهه تمامًا، ولكنَّه يَخُصُّ مَدِيِنَة ألَعابٍ أُخْرَى قَدْ ذَهَبَنَا له الشَّهر الماضي، عِنِدَهَا بَدَأ الَأبُ بِتَفتِيِش جيُوبِه لِيَكتشف بأنَّ الكَرَت الصَحِيِح قَدْ وَضَعَهُ فِيْ جَيبَه الَآخَر دُونَ أنْ يُكَلِّفَ نَفَسَه هُو أو الموظَّف في صَالَة الألعاب عَنَاء النَّظَرِ فِي مضمون الكَرَت الذِيْ بَيِنَ أيِدِيهما، والعمل على تَفَقُّده!!
*****
* تلك القصة، وإن كانت بسيطة، إلا أني أراها -أصدقائي- تدعو لأمرين، أحدهما: التفاؤل، فربما الكثير من المشكلات التي نعتقد بأنها في حياتنا، في الحقيقة لا وجود لها، وإن وجدت فربما حلها لدى أناس حولنا، قد لا نلقي لهم بالا، وهذا ينادينا باحترام آراء الآخرين مهما كانوا أو كانت سنهم!!
*****
* أمَّا ثانيهما: فهو ينادي المؤسَّسات الحكوميَّة الخدميَّة كمجالس المناطق، واللجان المتخصِّصة في مجلس الشورى، وكذا الوزارات للتَّواصل المباشر مع المواطنين، والاستئناس برأيهم؛ فَلعلَّ مواطنًا بسيطًا يملك معالجةً فريدةً لمشكلة قائمة، أو يقترح رؤيةً رائعةً لمستقبل واعِـد لهذا الوطن، ربَّما لا يأتي بها كبار المستشارين، الذين يقبضون عشرات آلاف الريالات، وسلامتكم!