مخطئ من يظن أن الوحده شعور يتلخص عندما تكون بمفردك، الوحدة هي شعور يمكن أن يحدث ولو كنت محاطًا بالآخرين، في أغلب الأحيان قد يشعر الناس بالوحدة بسبب إهمال الغير أو التهميش أو عدم التقدير، فالشعور بالوحدة هو شعور لا يرغب أحد حقًا في الشعور به أو المرور عليه، ولكن الوحدة ليست وليدة اللحظة بل هي تراكمات تنشأ بعد الإحساس بتراجع أي شيء ذي معنى في الحياة لدي الإنسان.
يبدأ عادة الشعور المطلق بالوحدة في التأثير بشكل كامل علي الفرد ليسيطر عليه، قد يحدث وينمو بسبب فقدان شخص مهم أو تغيير في الجو الاجتماعي المحيط، ليبدأ ذلك الشعور بالعزلة والوحدة في التطور، لا أحد يستطيع فهم الوحدة أكثر من صاحبها فهو إحساس مؤلم يخلق بداخله ولا أحد يراه أو يفهمه، قد يُعرف الكثيرون الوحدة على أنها اكتئاب أو وقت عابر يمر لكن ما لا يعرف أن التقليل من شعور الغير بالوحدة قد يتطور ليرتبط بأمراض عقلية متعددة، ولعل الصحة العاطفية تشكل وتلعب دورًا كبيرًا وقد يكون في كثير من الأحيان رئيسيًا من جوانب الوحدة، والأمر ليس كما يزعم الكثيرون أنه يحدث بسبب مجرد انسحاب من علاقة عاطفية بل الأمر أكبر وأعمق من ذلك، فالشعور بالوحدة والصحة العاطفية مرتبطان ببعضهما البعض كشكل من أشكال اضطراب الصحة فكل منهما يساهم في تحديات الصحة العقلية فعندما يواجه الشخص هذه السلوكيات السلبية، فإن أفكاره وجسده يتأثران سلبًا، فقد يشعر زوج أو زوجة بالبقاء وحيدين بالرغم من أنهم بنفس المنزل والغرفة، وقد لا يعرف أحدهما أسباب تلك العزلة والانفصال العاطفي الذي قد يكون في أحيان كثيرة جسدياً أيضُاً، ويحاول الكثيرون عيش حياتهم على أمل العثور على الحب والتقدير الحقيقي الذين يستحقونه، ومن المستغرب اتفاق الكثيرون على أن العثور على الحب لم يكن بالطريقة الصحيحة التي رغبوا بها، وهو ما يفسح المجال بينهم وبين الشريك على أمل العثور على الحب الحقيقي مع آخرين ويجد الكثيرون صعوبة بالغة في التعبير عن مشاعرهم وحقيقة رغبتهم.. الوحدة لا يمكن الاستهانة بها فهي ناقوس خطر يدق لأنها تزيد من معدلات الاكتئاب والقلق لدرجة أنها قد تقصر من عمر الإنسان بواقع 15 عاماً.
للوحدة ثلاث نظريات مقبولة على نطاق واسع بين البشر، تتعلق النظرية الأولى منها بالسلوك بمعنى أنه فعندما يفتقر الشخص للتشجيع من الأسرة أو الأصدقاء، فقد ينزلق إلى عادات وسلوكيات غير صحية، النظرية الثانية التأثيرات البيولوجية للوحدة والتي تؤدي لرفع مستويات التوتر وإعاقة النوم وبالتالي الإضرار بالجسم، وأخيراً الاكتئاب بسبب التراكمات التي لا تعالج والمعاملة السيئة التي يتلقاها الشريكان أو الأهل، ولعل أخطر أنواع الوحدة هي الناتجة عن الاكتئاب حيث لها عدة مستويات يمكن أن تكون بسيطة أو شديدة، من المزاج المنزعج وفقدان الشغف وهو اضطراب عاطفي يحدث بسبب الإجهاد والمشاكل مع الشريك أو الانفصال ما يجعل الشخص يشعر بالحزن وفقدان الدافع، يليه المستوى التالي من الاكتئاب وهو المزاج العاصف، ويعتبر أكثر شدة فهو اكتئاب طويل الأمد يمنع الناس من العمل بأفضل ما لديهم أو من الشعور بالسعادة مهما حدث حيث يصبح الشخص كئيبًا وشاردًا طوال اليوم مع مشاكل في الأكل والنوم والتركيز والتعب العام وشعور مصاحب دائم بأنهم غير آمنين ويشعرون باليأس، يليه الاكتئاب السريري وهو اضطراب اكتئابي ويعتبر الأكثر شدة بينهم، فهو اكتئاب طويل الأمد يتعارض مع أسلوب الحياة، يجعل الشخص المصاب يشعر معظم الوقت بالقلق وتغيرات في الشهية والنوم والوظائف الحركية مع أفكار انتحارية وفقدان اهتمام وعدم الرضا عن اسلوب الحياة وفقدان الطاقة والتركيز ويحدث مشاكل مناعية لأنه يضعف جهاز المناعة وبالنهاية إقباله على العزلة الاجتماعية التي تجعله يقوم بعمل عنيف أو جريمة.