تزخر المملكة في مختلف المناطق، بوجود الأوقاف بنوعيها: الذري، والخيري، مع تركزها في نوع واحد من الأصول، متوفر منذ زمن في العقار، على أساس حبس عين للإنفاق، حسب شرط الواقف للمستفيدين.
ومع التَّنمية والتطوُّر في بلادنا، نجد أنَّ نزع ملكيَّة الأوقاف وتعويضها أمر عادي، وتم خلال الفترة الماضية. واستعاضة الأصول العقاريَّة بأموال الوقف تأخذ وقتًا طويلًا؛ بسبب عدم وجود سوق حرَّة يتم من خلالها تحديد السعر، في ظل عدم تجانس الوحدات العقاريَّة واختلافها؛ ممَّا يعطِّل أموال الوقف، وتصبح بدون عائد، الأمر الذي يؤثِّر على المستفيدين، ويحرمهم من دخل؛ من الممكن أنْ يستفيدوا منه.
وتعتمد العمليَّة على النَّاظر وقدرته على جلب أصول وإنهاء إجراءاتها، ولا شكَّ أنَّ القطاع الشَّرعي المشرف على تنفيذ الاستحواذ على الأصول يهتمُّ بنوعيَّة وتسعير الأصول، وكما أشرنا في ظلِّ عدم وجود سوق حر لتسعير العقار، بعيدًا عن الطَّرفين، كما هو في سوق الأسهم أو الصكوك، تأخذ العمليَّة وقتًا طويلًا، في حين أنَّ الأسهم والصكوك الإسلاميَّة في شركات ممتازة ورابحة تُعدُّ من الأصول التي يمكن أنْ تسهم في استثمار أموال الوقف، وتحقِّق المنفعة والإيراد له، علاوة على وجود سوق حرَّة تُسعِّر على أسس عادلة لكلِّ الأطراف؛ ممَّا يُسهِّل عمل المشرفين على الوقف، وعلى الغطاء الشَّرعي فيه، وحاليًّا هناك أوقاف محليَّة وعالميَّة تمتلك أسهم وصكوكًا في الأسواق المحليَّة والعالميَّة، وتحقِّق لها إيراداتٍ ونموًّا في القيمة، وتُبعد الوقف عن عمليَّة الصيانة واستدامة استثمار الوقف.
حرمان المستفيدين، وخاصة في الوقف الذري، وتجميد ثروات الوقف؛ بسبب عدم وجود أصل ملائم، وطول فترة اتخاذ قرار الاستحواذ، له تأثير سلبي وغير إيجابي، حتى على مستوى الاقتصاد المحلي. ولا شك أن ترك الوقف في الاستثمار في أسواق المال في ظل إستراتيجية الاستحواذ وعدم الخروج والانتفاع من الأرباح الموزعة والنمو الرأسمالي تمثل حلا إيجابياً حتى على مستوى الاقتصاد المحلي؛ ممَّا يُعطي سوق رأس المال أموالًا ثابتةً مدارة بغرض تحقيق الدَّخل، وتحقيق شرط الواقف، المفترض أنْ يسمح ويُسهِّل العمليَّة؛ لأنَّها استثمار في أصول عينيَّة بطريقة غير مباشرة. ولا شكَّ أنَّ الصناديق والمحافظ الاستثماريَّة تحقِّق بُعدين، هما: الدَّخل، والنمو.