* لدي ثقة لا حدود لها في الأطباء السعوديين، وأُفضّلهم دائماً على معظم الجنسيات الأخرى.. هذه الثقة لا تنبع من تعصّب أو (حمية)، بل من واقع يعرفه الجميع، بدءًا بالثقة في الجامعات السعودية.. ثم لعلمي بمقدار ما تنفقه دولتنا المباركة على تدريب وتأهيل الأطباء بعد التخرج في الداخل والخارج، وأخيراً الثقة في أخلاقيات الطبيب السعودي وأمانته.. هذه القناعات التي يتفق معي فيها معظم السعوديين؛ هي ما تجعلني أفضل دائماً الطبيب السعودي على كل ما عداه، و في جميع التخصصات.
* النقطة الوحيدة التي أجزم أن معظم الأطباء السعوديين لا يجيدونها ويخجلون منها، هي الميل للجوانب التجارية في مهنتهم، باللجوء إلى أساليب ملتوية للتربح والكسب غير النظيف.. ورغم أن هذا الأمر يعتبر ميزة أخلاقية وانسانية تحسب للطبيب السعودي، إلا أنها تعدّ في نظر بعض (تجار الطب) من أصحاب الكيانات الصحية الأهلية، عيباً يمنع عمله لديهم، ويفرض تفضيل بعض الجنسيات (المهاودة) والتي (تسمع الكلام) عليه!.
* وإذا كان الطبيب السعودي أصبح -ولله الحمد- يمثل الأغلبية في جميع المستشفيات الحكومية ومعظم الأهلية، فإن تخصص طب الأسنان لا يزال يراوح -للأسف- بين 30 إلى 35% في أحسن الأحوال، ولا أعرف لهذا سبباً، فالخريجون كثر، والحاجة لهم أكثر، والشكاوى من واقع بعض المستشفيات والمراكز الطبية وممارساتهم غير الإنسانية مع المرضى أكثر وأكثر وأكثر! .
* المحزن هنا أن الممارسات (غير الإنسانية) لم تتوقف عند استغلال المرضى وحدهم، بل وصلت إلى الأطباء أنفسهم، فكثير من مراكز طب الأسنان الأهلية، باتت تستغل حاجة الخريجين للعمل من أجل تجديد رخصهم المهنية، فتعرض عليهم رواتب زهيدة جداً لا تتجاوز (٢٠٠٠ ريال)، وتطلب منهم العمل تحت شروط قاسية من حيث ساعات العمل وعدد المرضى، والأدهى أن بعضهم صنع صورة نمطية كاذبة عن عدم كفاءة طبيب الأسنان السعودي وعدم رغبته في العمل، وتفوق بعض الجنسيات عليه، مما تسبب في احتكار هذه الجنسية لمعظم وظائف هذه المهنة، وهنا لا تسأل عن الجودة ولا عن نوعية العمل المقدم للمرضى، حتى أصبح الحديث عن مشاكل عيادات طب الأسنان والاستغلال التجاري بها؛ حديثا يومياً معتاداً في المجالس، خصوصاً بعد لجوء بعض المراكز إلى استقدام أطباء من جنسيات آسيوية بمرتبات متدنية جداً.
* إن تهذيب وأنسنة مراكز طب الأسنان الخاصة؛ وعقلنة غلوائها وتخليصها من النزعة التجارية، أصبح ضرورة لا مناص منها، لرفع كفاءتها، ومنع الاستغلال الذي أصبح سمة ملازمة للكثير منها، ولن يتم هذا إلا بتوطين هذا القطاع بالكامل؛ وهذا أمر متاح وممكن جداً، سيعيد الثقة -إن حدث- لهذا التخصص المهم.. فنحن بحاجة إلى كيانات صحية إنسانية تساهم في حل المشاكل لا خلقها.