تقول الحكاية: كان يوجد بإحدى الضَّواحي الأمريكيَّة، مصنعٌ كبيرٌ تديره امرأةٌ، وتقوم بتوظيف الرِّجال المتزوِّجين فقط، وكانت هناك فتاةٌ غاضبةٌ؛ لأنَّها كلَّما تقدَّمت للعمل يرفضونها، فطالبت بالتحدَّث إلى المديرة، وحين سمحوا لها، سألتها: «لماذا تختارين موظَّفيك من الرِّجال المتزوِّجين فقط؟!، هل هذا لأنَّك تعتقدين أنَّ المرأة ضعيفة، غبيَّة، شريرة؟!» فأجابتها مديرة المصنع قائلة: «لا، إطلاقًا سيدتي، فقط نختار الرِّجال المتزوِّجين؛ لأنَّهم معتادُونَ على إطاعة أوامر النِّساء مُسبقًا، ومعتادُونَ على سماع صراخ زوجاتِهم، ويعرفُون كيف يغلقُون أفواههم، ولا يصرخُون عندما أصرخ عليهم»!!
لقد أصبحت «المرأة المسيطرة»، العنوان الأبرز لأحداث الحياة الأُسريَّة والعمليَّة، حين مالت كفَّة القوَّة لصالحها، وأصبحت النِّساء قوَّامات بالفاضي على الرِّجال، بما مُنحنَ من مزايا وحقوق إضافيَّة، أُسيء استغلالها، فانعكست سلبًا على التَّركيبة الاجتماعيَّة، الطبيعة البشريَّة، الفطرة السَّويَّة!!
كان الهدف من تمكين المرأة من الحقوق الأُسريَّة: إرساء العدل، ونُصرة الزَّوجة المظلومة، بإلزام الرَّجل بالاضطلاع بمسؤوليَّاته العائليَّة، من نفقةٍ ورعايةٍ وقوامةٍ، بما يُسهم في ديمومة الحياة الزوجيَّة، لكنَّ الأمور أخذت منحًى آخرَ، حين تعالت المرأةُ، وشافت نفسها، وانساقت خلف أحقادِهَا، بوضع الرَّجل أمام خيارين، لا ثالث لهما: إمَّا الخضوع لكلمتها، أو الانفصال بالطَّلاق أو الخُلع، مع تحمُّله نفقة الأولاد من مأكلٍ وملبسٍ ومسكنٍ ومستلزماتٍ ضروريَّةٍ!!
كان الهدف من تمكين المرأة من الحقوق العمليَّة: إقصاء النَّظرة الدونيَّة تجاهها، ومنحها الفرصة نحو تعزيز مكانتها، والمشاركة في انجاح الخطط التنمويَّة، بمختلف المجالات التجاريَّة، السياحيَّة، الترفيهيَّة، لكنَّ الأمور أخذت منحًى آخرَ، حين تعاملت المرأةُ المديرةُ ببعض الحالات العمليَّة بطريقة «شيزوفرينيَّة»، وهي تشوف نفسها أعلى من البقيَّة، وتريد فرض سيطرتها على الموظَّفين، ليس للمصلحة العامَّة، وإنَّما لفكرة موغلة بالغرور والرؤى الشخصيَّة!!
لقد نجحت الحركة النسويَّة، بتعزيز هيبة ومكانة (المرأة المسيطرة)، حتَّى أصبح بعض الرِّجال يقف لساعات بالمطبخ، مرتديًا المريلة؛ ليصنع الطَّعام لعائلته، وأصبح بعض الرِّجال بالمناصب القياديَّة يستجيبون سريعًا لطلبات وتوصيات رئيسة أو مديرة القسم دون مناقشة، وأصبح بعض الرِّجال يتجوَّل بالسُّوق مرتديًا بنطلون برمودا، وفنيلة كاجوال، وهو يدفع عربة طفله، ويحمل رضَّاعته، فيما تسير بجانبه زوجته المتغطرسة، وكأنَّها «عمَّته» أو «وليَّة نعمتِهِ»!!
لقد بات مجتمعنا المحافظ، بحاجةٍ ماسَّةٍ لتعليق بعض الحقوق الإضافيَّة الممنوحة للمرأة، التي أُسيء استغلالها، وإعادة تقييمها وسط حالة الهيجان الطُّموحي لما تنوي بلوغه، قبل أنْ يتفشَّى داء استغلالها الرَّجل المسالم -كما فعلت مديرة المصنع- وقبل أنْ يصبح العنوان الأبرز لحياتنا العامَّة (المرأة المسيطرة)!!