في كثير من الأحيان، نظنُّ بأنَّنا لا نستطيع تعلُّم اللُّغات الأُخْرى، وعند الممارسة المستمرة نصل بعد ذلك إلى المبتغَى الذي نطمح له.
كما هو الحال، مع لغة الإشارة، البعض يعتقد أنَّها صعبة جدًّا، والأقلية يشير بأنَّها (غير مهمَّة) متناسين بأنَّ هؤلاء جزء لا يتجزَّأ من المجتمع، قد نلتقي بهم في كل مكان، وقد نتعامل معهم في بعض الأحيان.
في مستشفى اليمامة بالعاصمة الرياض، روى مشرف الطوارئ الطبيب بسام أحمد الغامدي عن لقائه بأمٍّ وأبٍ من فئة الصُّمِّ والبُكم مصطحبين ابنهما الصَّغير المريض، يذكر لنا صعوبة الموقف الذي مرَّ به؛ لعدم فهم ما كانا يريدان قوله؛ لتخاطبهما بلغة الإشارة، ولكن كان يحاول جاهدًا مساعدتهما بشتَّى الطُّرق ومرافقتهما في كل لحظة.
عندما علم الطَّبيب عبدالعزيز العنزي الذي يعمل ايضًا في نفس المستشفى في قسم الطوارئ في تلك اللحظة عن وجودهما تمكَّن من إنقاذ ذلك الموقف وبسهولة؛ لتعلُّمه لغة الإشارة مُسبقًا عن طريق الأستاذة عمشاء الدوسري، عبر برامج الشبكة العنكبوتيَّة التي صنعت من هذه البرامج منصَّة لتعليم الكثير لغة الإشارة؛ لأهداف سامية ونبيلة.
عمشاء الدوسري امرأة سعوديَّة تحمل رخصة مترجمة من الجمعيَّة السعوديَّة لمترجمي لغة الإشارة منذ عام 2020، تعلَّمت منذُ الصِّغر من والدتها التي لا تسمع، ولا تتكلَّم عن طريق الإشارة على الأشياء من حولها، وتحريك اليد لتعليم ابنتها عمشاء ما يعني هذا الشيء، حتَّى تمكَّنت عمشاء من التعلُّم لفهم والدتها ومساعدتها على الفور.
لذا لا نستطيع إهمال هذا الجانب من الحياة، كمجتمع يسعى دائمًا على المحافظة على الانتماء المجتمعي، والتلاحم، والتطوُّر في شتَّى المجالات، فعلينا أنْ نحرص جميعنا على تعليم أنفسنا وأبنائنا منذ الصغر لغة الإشارة، ودعم مشاركة فئة الصم والبكم مع صغارنا في الأوبريتات، والمحافل الوطنيَّة، والمسارح التي تحمل رسائل إيجابيَّة للمجتمع، لم ولنْ تكون لغة الإشارة في الأجيال القادمة لغة مبهمة وصعبة.