لو عاد بي الزَّمن عشرات المرَّات إلى الوراء، (لا) و(لن) ألتحقَ بأيِّ وظيفةٍ مهما كان راتبها..!
حين وصل المهاجرُون إلى المدينة، أطلق «عبدالرحمن بن عوف» مقولته الشَّهيرة: (دُلَّني على السُّوق).. حيث «تسعةُ أعشارِ الرِّزقِ فِي التِّجارةِ»، وليستْ في «الوظيفةِ».. هنا مربطُ الفرس، ومحلُّ النقاش اليومي مع أفراد الأسرة، ومع الزُّملاء والزَّميلات، خاصَّة في وقتنا الحاضر، ممَّن يلهثون خلف «الوظيفة»، ويتنقلون بين المكاتب ومعارض التَّوظيف «الوهميَّة»، ويقتلون أوقاتهم في البحث عن مكان آمن -كما يحلو لهم أنْ يُطلقوا عليها-!! ولم يعلموا، ولم يتعلَّموا الدَّرس -حتَّى الآنَ- بأنَّ الوظيفة لا مستقبل لها، فـ(الأعمال الحرَّة وريادة الأعمال والأعمال الناشئة والحراك، والعلاقات، والدُّخول في الأسواق ومعرفة النَّاس، والاستفادة من دروس الآخرين، و»التعلُّم»؛ أهم بكثير من وظيفة تقتل وقتك لسبع ساعات، وأنت خلف المكتب، وجالس على كرسيٍّ لا يُقدِّم لك ولا يُؤخِّر، وبعد عشرات السِّنين ستجد نفسك خلف نفس الكرسيِّ، وبنفس التطلُّعات والطُّموح المحدود، والانكسارات والانهزاميَّة، وغيرك سَلَكَ طريقَهُ في (البزنس)، وأصبح يُشار إليه برجل الأعمال، أو سيِّدة الأعمال.
«الأمن الوظيفي» مطلوب، واتَّفق مع البعض، إلَّا أنَّ هذا المطلب أو الشعور أو الانتماء والارتماء في أحضان الوظيفة، والركون «قد ولَّى زمانُهُ ووقتُهُ»، وتغيَّرت مفاهيم الحياة ومتطلباتها، وإستراتيجيَّاتها، فالمالُ نعمْ هو عصبُ الحياة، ولكنَّه يأتي من خلال الأعمال والانطلاق والمشاركات والحِراك؛ أكثر ممَّا يأتي من خلال الوظيفة، والقروض، وإنهاك الشَّخص بها!.
نصيحتي لهذا الجيل الذي يحمل الأفكار والإبداع، وقد تهيأت له الفرص العظيمة والطرق العديدة: (لا تفوتوا) هذه المرحلة، وانتهزوها بكل طاقاتكم، وسخروا أوقاتكم للعمل والانطلاقات، لا تركنوا وتتقاعسوا وتلجأون إلى البحث عن الوظائف، وتلهثون خلف من يبيعون الوهم لكم!.
أفيقوا من صحوتكم، فهناك عشرات الفرص للأعمال في مختلف المجالات، و(العمل الحُر)، والشراكات أهمُّ من عشرين ألف وظيفة تقتلون بها أوقاتكم، وأعماركم خلف مكتب وكرسي، لا يُصيبكم إلَّا بالشَّلل الفكريِّ ونقص الإبداع.