في إنجازٍ فريدٍ يُضاف إلى سلسلة الإنجازات المتواصلة، التي تحقِّقها المملكة العربيَّة السعوديَّة، حصد مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانيَّة جائزة الإنجاز الإنساني العالمي؛ المقدَّمة من المجلس الوطني للعلاقات الأمريكيَّة العربيَّة، ويأتي فوز المركز بهذه الجائزة المرموقة، نظير أعماله الإغاثيَّة والإنسانيَّة الدوليَّة الكُبْرَى، التي غطَّت مختلف أنحاء العالم. لذلك فإنَّ الجائزة تُمثِّل اعترافًا دوليًّا بالجهود المُقدَّرة التي تقوم بها المملكة في ميادين العمل الإغاثي.
ويُجسِّد هذا التقدير الدولي المكانة المرموقة التي تتمتَّع بها السعوديَّة في القطاع الإنساني، حيث عُرِفت منذ توحيدها على يد الملك المؤسِّس المغفور له -بإذن الله- عبدالعزيز آل سعود بدورها الرائد في هذا المجال، حتَّى صنَّفتها الأمم المتحدة في طليعة الدول المانحة، والتي تقوم بتمويل المنظَّمات الإنسانيَّة التابعة للأمم المتحدة.
ورغم أنَّ المركز يُعتبر حديثًا من ناحية تكوينه، حيث تمَّ تأسيسه في عام 2015، إلَّا أنَّه استطاع خلال هذه الفترة الوجيزة أنْ يُحقِّق العديد من الإنجازات اللافتة، التي جعلته في طليعة المؤسَّسات الإنسانيَّة حول العالم، حيث امتاز عمله بالعديد من الصِّفات التي أسهمت في تميُّزه.
فالمركز يُطبِّق أعلى المعايير العالميَّة في هذا المجال، وكذلك أفضل الممارسات المتعلِّقة بالحوكمة، ويرتكز على قِيَم أساسيَّة تتمثَّل في الشفافيَّة، والجودة، وعدم ربط المساعدات الإنسانيَّة بأيِّ اعتبارات سياسيَّة أو دينيَّة أو مذهبيَّة، حيث يُمثِّل دعم الإنسان وتحقيق رفاهيَّته حجر الزَّاوية الرئيس في أعماله وتوجُّهاته، كما يهتم المركز ببناء الشَّراكات ودعم المجتمعات الأكثر احتياجًا.
ومن أبرز الدلائل على النجاح الذي حقَّقه المركز، والدور الكبير الذي قام به خلال السنوات القليلة الماضية، أنَّه استطاع تنفيذ 3.105 مشروعات وبرامج إغاثيَّة وإنسانيَّة في 104 دول حول العالم، بقيمة تجاوزت 7 مليارات، و100 مليون دولار أمريكي، إضافةً إلى تنوُّع الجوانب التي يقوم بدعمها، والتي شملت الصحَّة، والتَّعليم، والأمن الغذائي، والإيواء، والمياه، والإصحاح البيئي، ودعم وتنسيق العمليَّات الإنسانيَّة، وغيرها من القطاعات الحيويَّة التي تمسُّ حياة الإنسان بصورة مباشرة.
كذلك، فإنَّ المركز لا يتَّبع الأساليب الروتينيَّة القديمة للعمل الخيري، لاسيَّما مع تغيُّر المفاهيم وتعدُّد الاحتياجات في هذا العصر، فالهدف الأسمى الذي يهدف له المركز هو تقديم الدعم الذي يؤدِّي لتحقيق التنمية المُستدامة في الدول الأكثر تأثرًا بالكوارث الطبيعيَّة، مثل إنشاء الملاجئ، وتطوير المستشفيات، وبناء المدارس، وهذه المجالات لم تكن تجد الاهتمام الكافي في السَّابق، حيث كان العمل الإنساني مجرَّد مساعدات غذائيَّة وطبيَّة يتم توزيعها بطرق عشوائيَّة، لكن المركز أَوْلَاها اهتمامه وعنايته في سياق سعيه لتطوير المفاهيم، وتوسيع قنوات الدَّعم.
كما يُعنى المركز بتطوير اقتصادات الدُّول التي يعمل فيها، وذلك بإنعاش الحركة التجاريَّة عبر شراء مواد الإغاثة من السُّوق المحلي، لتشجيع حركة التِّجارة، وتعبئتها وتغليفها وتحميلها داخليًّا، وذلك لإيجاد فرص وظيفيَّة للسكان، والاستعانة بمنظَّمات محليَّة لتوزيعها على الفئات المستهدَفة، كما تشدَّد القائمون على أمر المركز في ضرورة ضمان توزيع المساعدات بالشكل العادل، دون محاباةٍ لأيِّ أسباب أو دوافع.
ولأنَّ صحَّة الإنسان تمثِّل شرطًا أساسًا لسعادته ورفاهيَّته؛ فقد أَوْلى المركز أهميَّة خاصَّة لدعم القطاع الطبِّي، ودعم المستشفيات، وتوفير الأدوية، والمحاليل، والأمصال، واللقاحات، والأجهزة الطبيّة.
لذلك، فإن المركز يجسد بحق العمل الإنساني في المملكة، الذي يتخذ أبعاداً فريدة، وينطلق من منطلقات مرتبطة أساساً بطبيعة هذه البلاد التي قامت على هدي الدين الإسلامي الحنيف، والمملكة عندما تمد يدها بالخير إلى أشقائها العرب والمسلمين والإنسانية عموما؛ فإنها تفعل ذلك قياما بدورها الذي شرفها به الله سبحانه وتعالى عندما جعلها قبلة المسلمين، وحاضنة حرميه الشريفين، ومهبط رسالته الخالدة.
لذلك، فقد أفلحَ المركز في كتابة اسمه بأحرف من نور، من واقع العمل الكبير الذي قام به خلال سنوات قلائل منذ إنشائه، والأساليب العلميَّة التي اتَّبعها، والشَّفافية الكاملة التي تحكم أسلوب عمله، وابتعاده عن حسابات السياسة ودهاليزها، وهو ما دفع الأمم المتحدة لتصنيف المملكة ضمن أكبر الدول الدَّاعمة لمؤسَّساتها الإنسانيَّة.