منذ فجر التَّاريخ، والأُمم تختلف في وضع مقياس للزَّمن كالسَّاعة، واليوم، والأسبوع، والشَّهر، والعام، لذا نشأ ما يُسمَّى بالتَّقويم لمعرفة حسابها في منظومة تُسمَّى السَّنة أو الحَول، والتَّقويم يُعرَّف لغةً بأنَّه: تصحيحُ الخطأ والاعوجاج، واصطلاحًا بأنَّه: تنظيمٌ لقياس الزَّمن؛ اعتمادًا على الظَّواهر الطبيعيَّة المتكرِّرة مثل دورتَي الشَّمس والقمر.
لكنَّ الجميعَ كانوا يتَّفقون على ضرورة موافقة تقاويمهم للظَّواهر الكونيَّة والطبيعيَّة كالفصول الأربعة، وحركات بعض النُّجوم والأبراج، ومنهم بالطَّبع العرب قبل الإسلامِ، فقد كانوا يستخدمون التَّقويمَ القَمَريَّ الشَّمسيَّ الذي كانوا يستخدمون فيه أيام النسيء؛ لإيجاد عمليَّة التَّوافق بين التَّقويم الشَّمسي والقمري، وعندما هاجر المسلمون إلى المدينة، وأصبح لهم كيانٌ مستقلٌّ أصبحوا يُطلِقون على كُلِّ سنةٍ من السَّنوات اسمًا خاصًّا بها، مثل السَّنةُ الأُولَى سُمِّيت بسنة الإذن، والسَّنةُ الثَّانيةُ سُمِّيت بسَنة الأمر، والسَّنةُ الثَّالثةُ سُمِّيت بسنة التَّمحيصِ، والسَّنةُ الرَّابعةُ سُمِّيت بسَنة الترفِئةِ، والسَّنةُ الخامِسةُ سُمِّيت بسَنة الزِّلزالِ، والسَّنةُ السَّادسةُ سُمِّيت بسنةِ الاستئناسِ، والسَّنةُ السَّابعةُ سُمِّيت بسنة الاستغلابِ، والسَّنةُ الثَّامنةُ سُمِّيت بسنةِ الاستواءِ، والسَّنةُ التَّاسعةُ سُمِّيت بسنة البراءةِ، والسَّنةُ العاشِرةُ سُمِّيت بسنة الوداعِ.
وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب، اضطر لعمل تقويم لمواجهة متطلبات الدولة، التي توسعت رقعتها، وبعد مشاورة الصحابة، جعل تقويمه يبدأ بيوم الهجرة النبوية، واستمر الوضع هكذا حتى يومنا هذا، ولعل هذا التعديل المستمر عبر العصور، يؤكد أن التقويم ليس عملاً منزلاً يستوجب تنفيذه كما نزل، وإلا كان ذلك قد نزل في كتاب الله مفصلا، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد اتخذ فيه قراراً يستوجب اتباعه، وهذا ما يدفعنا لمناداة كافَّة الجهات ذات العلاقة بعلم الفَلَك، بمشاركة المنظَّمات الإسلاميَّة إلى دراسة هذا الموضوع، ووضع الحلول التي أراها متاحةً علميًّا ولا تختلف مع مضامين الدِّين، وتتوافق شهورنا مع الحركة الطبيعيَّة للكون، التي تتوافق مع الفصول المناخيَّة؛ كي يتمكِّن الإنسان من معرفة مواقيت الزِّراعة، ومواقيت سقوط الأمطار، ومواقيت المواسم والأسواق والرحلات التجاريَّة، ونعرف أيضًا مواقيت تزاوج الحيوانات والطيور وولادتها.. والله من وراء القصد.