في مثل هذا اليوم من كل عام، يمثِّل اليوم الدولي للقضاء على العُنف ضدَّ المرأة والفتاة بداية الحملة (اتِّحدوا)، وتم عقد 16 يومًا من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة، ابتداءً من 25 نوفمبر، وانتهاءً بيوم 10 ديسمبر، وهو اليوم الذي يُحتفى فيه باليوم العالمي لحقوق الإنسان.
حدَّدت الجمعيَّة العامَّة للأُمم المتَّحدة هذا اليوم؛ لأنَّ مشكلة العنف ضدَّ النساء والفتيات لا يزال مشكلةً منتشرةً في جميع أنحاء العالم، لتأسيس طريق نحو عالم خالٍ من العُنف.
في عام 2008، أطلقت مبادرة «اتِّحدُوا» لإنهاء العنف ضدَّ المرأة؛ لزيادة الوعي العام حول هذه القضيَّة، وكذلك إلى الرفع من وضع سياسات وموارد مخصَّصة لإنهاء العنف ضدَّ النساء والفتيات، ولتمكين المرأة بما يتماشى مع خطط التَّنمية المُستدامة لعام 2030.
وهنا في المملكة العربيَّة السعوديَّة، وبتوجيهات حكيمة من القيادة الرَّشيدة، ممثَّلةً في وزارة الموارد البشريَّة والتنمية الاجتماعيَّة، بذلت جهودًا كبيرةً لتعزيز حقوق المرأة، وقُدِّم لها الدَّعم والرِّعاية الموجَّهة، وتم تمكينها من الإسهام في التنمية الوطنيَّة. ومن خلال منظومة القوانين التي أقرَّت وتتعلَّق بشؤون الأُسرة والمرأة، والتي تُعدُّ من أكثر الأنظمة تميُّزًا وشموليَّةً على مستوى العالم العربي؛ ممَّا أدَّى إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي؛ لتعزيز مفهوم القضاء على العنف ضدَّ المرأة، وتحديد مضمونه ونطاقه، وبيان أضراره، والعمل على الحدِّ من هذه الجرائم، وصولًا إلى بناء اجتماعي محكم، يرفض فكر العُنف بكافَّة أشكاله عامَّة، وتجاه المرأة خاصَّة.
نحن اليوم في أمسِّ الحاجة لتكاتف الجهود من قِبل جميع القطاعات في الجمعيَّات التي تُعنى بشؤون الأُسرة، وفي وزارة التَّعليم في أروقة المدارس والجامعات التي يرتادها أغلب أفراد المجتمع ما بين طلاب وطالبات، ومنسوبي التعليم من معلِّمين وأعضاء هيئة تدريس، وإداريِّين وإداريَّات مدعوون جميعًا لإقامة فعاليَّات متنوِّعة تعزِّز من ثقافة حفظ حقوق الآخرين، ومناهضة العُنف ضدَّ المرأة التي تُعدُّ الرَّكيزة الأساسيَّة لكل بيت، فهي الأُم، والأُخت، والزَّوجة، والابنة، والقلب الحنون، تستحقُّ الرَّعاية والاهتمام، والحب والعطف والرَّحمة.
نحن بحاجة لدور إعلامي يوضَّح تعريفًا واضحًا جليًّا لمفهوم العُنف الذي يأخذ أشكالًا متنوِّعة مثل: الإيذاء الجسدي، أو النَّفسي، أو تهديدها في عملها، واستغلال حاجتها باستخدام أسلوب الحرمان أو الضَّغط.
لنعمل معًا على إقامة ورش عمل، وجلسات حواريَّة، ودورات تدريبيَّة متخصِّصة في الجوانب النفسيَّة والاجتماعيَّة لتأهيل الكوادر للتعامل مع قضايا العنف الأُسري، والتَّعاون والتَّنسيق مع الجهات المعنيَّة في وزارة الموارد البشريَّة، ولفت الأنظار لكلِّ ما تقدِّمه من دعم وخدمات لمن تعاني من العُنف، وما هو السبيل الأمثل لمواجهته؟ والتَّعريف باللائحة التنفيذيَّة لنظام الحماية من الإيذاء المعتمد بالأمر السامي رقم (م/72) في عام 1443هـ، والذي من ضمن أهدافه نشر التَّوعية بين أفراد المجتمع حول مفهوم الإيذاء والآثار المترتِّبة عليه.
إلى كلِّ النساء: كُوني قويَّةً، واستثمري هذا الدَّعم القوي الذي كفلته لكِ أنظمة وقوانين الدولة، وشاركي بفعاليَّة من أجل توعية الفئات الأكثر تعرُّضًا للإيذاء بحقوقهنَّ الشَّرعيَّة والنظاميَّة، فأنتِ لستِ وحدَكِ.
وهمسة لكل امرأة: الأم تحديداً أحسني تربية ابنك؛ ليكون سنداً لك ولكل امرأة في حياته، من تقوم بدورها في تربية رجل يحترم ويقدر أمه وأخته في بيته، سوف يكون أباً رحيماً، وزوجاً عطوفاً، وزميلاً في العمل منصفاً لا يظلم، ولا يقهر، ولا يعتدي، ولا يعنف، فالمرأة هي العمود الفقري للمجتمع، إن استقام وصلح كان المجتمع قوياً وصالحاًَ متعافياً سعيداً.
خاتمة القول: لكلِّ مناسبة عالميَّة شعار ولون يُعتمد من قِبل المنظَّمات الدوليَّة، وتم اختيار اللون البرتقالي شعارًا لحملة المناهضة للعُنف ضدَّ المرأة؛ لأنَّ هذا اللون معروف بقدرته على التَّحفيز للحواسِّ، والإبداع، ويمكن أنْ يثير شعورًا بالغًا بالدفءِ والرَّاحة؛ ممَّا يجعله لونًا رائعًا للاستخدام في المواقف الاجتماعيَّة، كما يرتبط بالحظِّ السَّعيد، والرَّخاء، والنجاح. وهو لونُ التواصل الإنساني الإيجابي، وله تأثيرات نفسيَّة مريحة، تجعل خلايا الدِّماغ تحلِّق في عالم الإبداع.