عالم الفيزياء البريطاني الشَّهير وأستاذ الكرسي اللوكاسي للرياضيَّات في جامعة كامبريدج البروفيسور «ستيف هوكينغ»، تميَّز بذكاءٍ حادٍّ وقدراتٍ عقليَّةٍ خارقةٍ، على الرغم من إصابته بمرض عضال، سبَّب له إعاقةً وضعفًا بدنيًّا كاملًا، وصفه البروفيسور «ستيفن توب»، نائب رئيس جامعة كامبريدج البريطانية العريقة قائلًا: «إنَّ (ستيف هوكينغ) كان شخصيَّة فريدة، لها مساهمات استثنائيَّة في المعرفة العلميَّة، ونشر العلوم والرياضيَّات بين عامَّة النَّاس».
وأصبح «هوكينغ» الذي تحلَّى بحسِّ دعابةٍ عالٍ، بمثابة سفير شعبي للعلوم، إذ كان حريصًا على أنْ يصل الإنسان العادي إلى معرفة نتائج أبحاثه العلميَّة، كما عُرف بقدرته الفريدة على تصوُّر الحلول العلميَّة المعقَّدة بدون حسابات أو تجارب.
عرف هذا العالم الكبير بمواقفه القوية من قضايا علميَّة وتكنولوجيَّة عديدة، ففي نوفمبر من عام 2017م أعرب عن مخاوفه الشديدة من أنْ يحل «الذكاء الاصطناعي» محل البشر في الكثير من المهام، وقال إنَّ نتيجة ذلك التطور الهائل والمحتمل في التقنية سوف ينهي الكثير من وظائف العنصر البشري، ومن المحتمل أنْ يؤدِّي لخلق شكل ونمط جديد من أشكال الحياة غير تلك التي تعوَّدنا عليها.
وكان «هوكينغ» من أوائل العلماء الذين دعوا إلى التعامل الحذر مع التكنولوجيا؛ للحفاظ على البشريَّة من التَّدمير، داعيًا إلى تحديد التهديدات المحتملة لهجوم التكنولوجيا، وحُسن التَّعامل معها، قبل أنْ تتفاقم الأمور إلى خطر على الحضارة البشريَّة؛ كما أنَّه اعتقد أنَّ الحياة على الأرض قد تنتهي بكارثة، مثل نيزك ضخم، أو ذكاء اصطناعي «روبوتات» تسيطر على البشر، أو حتَّى غزو مخلوقات فضائيَّة للأرض.
وعن الكوارث التي من المحتمل أنْ تتعرَّض لها الكرة الأرضيَّة، دعا إلى استعمار أجرامٍ أُخْرى في الفضاء، كما انتقد قرار الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» -في فترته الأولى- الذي اتَّخذه في عام 2017م بالانسحاب من التحالف الدولي ضد التغيُّرات المناخيَّة، وفي مقابلة له مع هيئة الإذاعة البريطانيَّة (بي بي سي)، قال: «إنَّ تصرُّف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من المحتمل أنْ يزجَّ بالكرة الأرضيَّة إلى الهاوية، لتصبح تمامًا مثل كوكب -الزهرة- الذي تصل حرارة سطحه إلى 250 درجة مئويَّة، ويمطر حامض الكبريتيك»، وقال: «إذا لم يقضِ علينا الاحتباس الحراري، فإنَّه من المحتمل أنَّ نيزكًا، أو كوكبًا قد يضرب الأرض، ويدمِّر الحياة على سطحها».
كما حذر البشرية من الزيادة السكانية والعدائية بين البشر وتغير المناخ، الذي يمكن أن يتسبب في دمار البشرية، واعتقد أنه إذا كان لدى جنسنا البشري الحالي فرصة في النجاة، فإن أجيال المستقبل ستحتاج إلى إنشاء حياة جديدة في الفضاء.
ومن مواقفه العادلة خارج مجاله العلمي والمعرفي، ذلك الموقف المشرِّف الذي قام به عندما انسحب من مؤتمر إسرائيلي عُقِدَ في مايو من عام 2013م، وقد ذكرت جامعة كامبريدج البريطانية الشَّهيرة حينها، أنَّ «هوكينغ» فعل ذلك في إطار مقاطعة من قِبل بعض من الأساتذة الأكاديميِّين البريطانيِّين، وذلك احتجاجًا على الاحتلال الإسرائيلي للضفَّة الغربيَّة.