Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مؤتمر الأطراف في باكو: تحديات متصاعدة في مواجهة تغير المناخ

A A
في ظل ظروف متزايدة التحديات مقارنة بالمؤتمرين السابع والعشرين والثامن والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، عُقد المؤتمر التاسع والعشرون (كوب 29) في باكو بأذربيجان. يأتي ذلك في وقت يشهد فيه العالم عددًا متزايدًا من الكوارث الطبيعية وارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، مما دفع بعض الدراسات إلى الدعوة لإعلان حالة "الطوارئ المناخية". بالإضافة إلى ذلك، تفاقمت النزاعات الجيوسياسية، وخاصة الحرب الروسية الأوكرانية وأحداث فلسطين ولبنان، مما زاد من الانقسامات والتوترات بين الدول. كما انعكست الآثار الاقتصادية السلبية بشكل واضح على الاقتصاد العالمي. ومن الأحداث البارزة التي ألقت بظلالها على المؤتمر، عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يصف تغير المناخ بأنه "خدعة"، وتعهد بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.

بينما تمكن المفاوضون في كوب 27 بشرم الشيخ في الإبقاء على أهداف تخفيف الانبعاثات، وملف التكيف والاتفاق على إنشاء صندوق لتعويض الخسائر والأضرار الذي طالبت به الدول النامية على مدى ثلاثة عقود لتوفير الدعم المالي اللازم للتكيف مع التغير المناخي وإعادة البناء. أما في كوب 28، فقد أُحرز المفاوضون تقدم في التحول بعيدًا عن جميع أنواع الوقود الأحفوري، بما يمكن العالم من الوصول ما يتماشى مع هدف 1.5 درجة مئوية ومضاعفة قدرة الطاقة المتجددة عالميًا ثلاث مرات، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، مع تسريع الخفض التدريجي لاستخدام الفحم وإنشاء أنظمة طاقة لتحقيق صافي انبعاثات صفر بحلول 2050 فقد حقق المفاوضون في كوب 29 باكو نتائج هامة وان لم تكن كافية او شاملة للتفهم الدولي لكافة الآثار المترتبة على محاولات التخلص من الوقود الأحفوري ومراعاة احتياجات الدول النامية للوقود الأحفوري لتوسيع قدراتها الكهربائية من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية، وهو ما فعلته الدول المتقدمة لعقود.

ولهذا ركزت المفاوضات في كوب 29 على أهمية زيادة دعم الدول الصناعية للدول النامية، حيث تم الاتفاق على رفع الدعم إلى 250 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2035، مع الاعتراف بأن هذا المبلغ لا يزال بعيدًا عن تحقيق الأهداف الطموحة لاتفاق باريس. كما جرى الاتفاق على زيادة التمويل من جميع المصادر إلى ما لا يقل عن 1.3 تريليون دولار سنويًا بحلول 2035. وعلى الرغم من فعالية هذا التمويل الضخم، إلا أن طبيعة الاستثمارات قد لا تحقق عائدًا كافيًا لمواجهة المخاطر في العديد من الدول النامية.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد الى التوافق على انشاء سوق للكربون والذي تم إنجازه بفضل جهود وزارة الطاقة بالمملكة العربية السعودية باعتباره أفضل وأكثر الاليات فعلية في تحقيق المادة 6.4 من اتفاقية باريس حيث يهدف إلى تعويض الدول الفقيرة المتضررة من تغير المناخ، وتحسين سُبل العيش من خلال التزام الدول المتقدمة بتوفير التمويل المناخي.

واختارت المملكة العربية السعودية نهج Win/Win أي تحقيق مكاسب او تحقيق نتائج إيجابية في ظل كل الخيارات المتعلقة بخيارات الطاقة لتصبح من أبرز الدول الرائدة في التصدي للتحديات المناخية ودفع الجهود الدولية لتعزيز أمن الطاقة ونشر تطبيقات التكنولوجيا لتحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة بصورة تعيد تشكيل مسار العمل المناخي الدولي.

تعود جذور اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ إلى مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (قمة الأرض) الذي عقد في ريودي جانيرو في يونيو 1992 والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1994 وعقد المؤتمر الأول للدول الأطراف في 1995م، وتمت استضافته بعد ذلك في عدة دول منها ثلاث دول عربية. وبعد مرور ثلاثة عقود، يعود المؤتمر الثلاثون للدول الأطراف إلى البرازيل، حيث سيُعقد في نوفمبر 2025 بمدينة بيليم.

ومع استمرار التحديات الطبيعية والاقتصادية، يظل تحقيق التوازن بين المصالح العالمية وتطلعات الدول النامية المتوقعة، تظل الحوكمة البيئية المتمثلة في المبادئ التي تستند اليها الاتفاقية الهدف الاسمى لكل المفاوضات وهي:

- مبدأ الحيطة: لضمان اتخاذ إجراءات فورية دون تأجيل بذريعة نقص اليقين العلمي.

- المسؤولية المشتركة لكن المتباينة: مع الاعتراف بالتفاوت في القدرات والإمكانات بين الدول.

- الشمولية: لتغطية جميع مصادر الانبعاثات وجميع القطاعات الاقتصادية دون استثناء.

- التباين والإنصاف: لضمان عدالة توزيع الأعباء المناخية.

- المسؤولية عن الإجراءات: لتعويض الدول المتضررة من السياسات المناخية للدول الصناعية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store