Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد الظفيري

عندما يصبح الإحباط ديدن البشر!!

A A
في عالمنا اليوم، أصبحت «البودكاست» منصَّةً بارزةً؛ لإيصال الأفكار والتَّجارب، إلَّا أنَّ بعض الحلقات باتت تُركِّز على إثارة الجدل، أكثر من تقديم محتوى مفيد. هناك قنوات تستضيف شخصيَّات تسعَى لإثارة صدمة المستمعِينَ بآراء جريئة، أو حتى قاسية. ومن الأمثلة التي أثارت جدلًا واسعًا، تلك الحلقات التي تُروِّج لفكرة أنَّ الإنسان الذي تجاوز الأربعين من العمر، ولم يُحقق إنجازًا، يُعتبر «بلا قيمة»، وموته أفضل.!

مثل هذه الأفكار تُصنَّف ضمن خطابٍ سلبيٍّ، قد يثبِّط العزيمة، بدلًا من الإلهام. فبدلًا من أنْ يكون البودكاست منصَّةً تفتح آفاقًا جديدةً، وتجعل المستمع يُدرك أنَّ لكل مرحلة من العمر قيمة وفرصة، تتحوَّل إلى أدوات لنشر الإحباط، وإعلاء معايير قاسية وغير واقعيَّة.

وفي هذا السياق، يمثِّل الأديب البرتغالي خوسيه ساراماغو نموذجًا ملهمًا يكسر هذه الأفكار السلبيَّة. ساراماغو، الذي وُلد عام 1922، لم يُحقِّق شهرته الأدبيَّة العالميَّة إلَّا في سنِّ السِّتين، حين نشر روايته الشَّهيرة «الضَّريح الحجري» (1982). ومن أبرز أعماله «العمى»، التي صدرت عام 1995، وأبرزت عمق بصيرته الأدبيَّة في معالجة القضايا الاجتماعيَّة والإنسانيَّة. رغم بداياته المتواضعة، كمترجم وصحفي، أثبت أنَّ الإبداع يمكن أنْ يزدهر في أيِّ مرحلة من العمر.

التحدِّي الأكبر يكمن في مدى تأثير الخطابِ السلبيِّ على الجمهور، وخاصَّةً الشَّباب الذين قد يشعرُونَ بضغوطٍ إضافيَّةٍ لتحقيق نجاحاتٍ سريعةٍ. وفي الوقت ذاته، هناك فئة من المستمعِينَ تعجبهم هذه النبرة الحادَّة؛ لكونها تدفعهم للتفكير أو العمل بجديَّة. لكن، هل هذا المبرر كافٍ لتقبُّل هذا النوع من المحتوى؟.

المسؤوليَّة تقع على صانعي البودكاست، والمستمعِين على حدٍ سواءٍ. صانعو البودكاست بحاجةٍ للتفكير بعُمق في تأثير كلماتهم، وضرورة تحقيق توازنٍ بين الإلهام والواقعيَّة. أمَّا المستمعُون، فعليهم الاستماع بوعي وانتقاءِ الأفكار التي تخدم حياتهم، بدلًا من الاستسلام لخطابات تُقيِّدهم بمفاهيم محدودة.

في النهاية، يبقى العمر مجرَّد رقم، والقيمة الحقيقيَّة للإنسان تكمن في استمراره بالسَّعي نحو الأفضل، مهما كانت ظروفه أو مراحل حياته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store