يمثِّل خط الطَّائف الباحة، أو ما يُعرف بـ(خط الجنوب) شريانًا رئيسًا، ورابطًا بريًّا مهمًّا، أولته القيادةُ -أيدها الله- عنايتها، ولا أدلُّ على ذلك، ما هو عليه اليوم من صورة طريقٍ بريٍّ مفخرةٍ بكلِّ ما تعنيه الكلمةُ من معنى.
يدرك ذلك كلُّ مَن عاصر هذا الطَّريق من قبل، ومن بعد، حيث لا مقارنةَ بينهما، ففرقٌ شاسعٌ بين طريقٍ انتزع اسمه من كثرة ضحاياها، فاكتسب تعريف طريق (الموت)، وآخر أسهم -بفضل الله- في الحدِّ، وبنسبة عاليةٍ من ذلك.. إلَّا أنَّه بوضعه الحالي، مازال يتحدَّث بلسان (المعاناة)، في جانب أثق أنَّ في معالجة ذلك إسهامًا في إغلاق بابِ (رُعبٍ)، ومصدر خطرٍ حديثه الدِّماء، وزاده الأشلاء، وهو جانب متاح، بل لا يمثِّل شيئًا أمام معجزة إنجاز هذا الطَّريق، الذي تحوَّل من حال السُّوء، والرُّعب إلى حال الامتنان، والارتياح.
فما يتطلُّبه الطَّريق من تنفيذ (سياج) حامٍ على امتداده، هو مطلب تفرضه الضَّرورة المُلحَّة، وفي ذلك درء خطر الإبل السَّائبة، التي ما تزال تمثِّل مصدر خطر لعابري هذا الطَّريق، وما حادث الأسبوع الماضي، الذي راح ضحيَّته أحد أبناء الوطن -رحمه الله- إلَّا مثالٌ واحدٌ لما يتطلَّبه الأمر من ضرورة عمل هذا (السِّياج)، وبامتداد هذا الطَّريق.
وفي جانب محاسبة مُلَّاك الإبل السَّائبة، فإنَّ الجهود في ذلك، مع أنَّها لم تغفل هذا الجانب، إلَّا أنَّ مشاهد الإبل السَّائبة ما تزال تُشاهد هنَا، وهناكَ، وهو ما يعني أنَّ أيَّ نظام لا يكتسب قوَّته من مجرَّد إقراره، بل كل قوَّته من تطبيقه وتفعيله، وذلك كفيل بمعالجة هذا الخطر، الذي خلَّف بعده أُسرًا مكلومةً بفَقْدِ عزيزٍ أو ألم رُؤية مُصاب يُعيد في كل لحظة ذكرى حادث أليمٍ، سببه جملٌ سائبٌ إنْ لم يستشعر مالكه فداحة إهماله، وأثر تقصيره، فإنَّ في تغليظِ العقوبة مَا يجعله يراجع نفسه ألف مرَّة، قبل أنْ يفكِّر في ترك إبله هكذا سائبةً.
وبعودةٍ إلى خط الجنوب، هذا المنجز الحضاري، والاقتصادي الكبير، فإنَّ الكلمات تعجزُ أنْ تفي بما يستحقُّه من ثناء، ويبقى حفظه بـ(سياج) ما يقارب في شأنه صورة الكمال، وهو أملٌ كما هو المُعتاد -بإذن الله- ليس ببعيد المنال.. وعِلمي وسلامتكُم.