يُنسب إلى الأديب والمؤرخ الأستاذ أمين الريحاني بأنه هو مَن أطلق على عنيزة هذا الاسم، ووصف أحدهم أهالي عنيزة بأنهم أحرار، وأن أهاليهم يتمتعون بحريّة مدنية تبعث على الإعجاب، حتى تشارلز داوتي؛ أحد الرحالة المستشرقين؛ في كتابه يمدح عنيزة وأهلها قائلاً: "هم أناس متحضرون، متأنقون في ملبسهم، ومأكلهم وتعاملهم، وحتى طريقتهم في المشي والحركة".
أما المستشرق جون فلبي، الذي زار عنيزة بصحبة الملك عبدالعزيز، فقد قال: "سبق لي أن سمعت الكثير عن الفرق بين عنيزة وغيرها من مدن نجد، عن كرم أهلها وحفاوتهم بالغريب، وخلوِّهم من أي تعصب ديني أو مذهبي"، ووصفها بقوله: "إنها حقاً جوهرة المدن العربية".
لعل المرة الأولى التي أتيحت لي فرصة زيارة عنيزة تعود إلى عام 1423، عندما تلقيت الدعوة لاحتفاء أهالي عنيزة بمعالي الشيخ عبدالله النعيم، أمين مدينة الرياض، وبحضور سمو الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة القصيم آنذاك، زرتُ بعدها عنيزة أربع مرات آخرها قبل سبع سنوات، ثم الزيارة الأخيرة قبل أسبوعين، بدعوة كريمة من الدكتور عبدالرحمن الزامل ضمن مجموعة من الزملاء أعضاء مجلس الشورى القدامى، وقد استُهلّت الزيارة بالسلام على سمو الأمير فيصل بن مشعل بن سعود أمير منطقة القصيم، وقد حظي كل واحد منا بهدية ثمينة تحمل مجموعة من مؤلفاته القيمة.
لقد رأيت بنفسي القفزات التي تحققت في هذه المدينة الجميلة، والتي تتطابق مع ما نقله من سبقونا في زيارتهم لها.
حركة بناء متسارعة وشبكة طرق حديثة جداً، ومخططات سكنية واسعة، ومساحات خضراء ضخمة يزيّنها أشجار النخيل الباسقة.
زرنا منتزه عنيزة الوطني، وهو أشبه بغابات كثيفة ومتاحة للزوار للاستمتاع بها، كما أمضينا بعض الوقت لزيارة فرقة سامري عنيزة الشعبية، وزرنا مزرعة الأستاذ فهد العوهلي الضخمة، التي تضم مزرعة حديثة لأسماك البلطي، ووقفنا على زراعة بعض الخضروات في المحميات؛ وقد استخدمت أفضل التقنيات الحديثة فيها.
ولعل ما يلفت نظر الزائر إلى عنيزة بأن هناك ما يُسمى (لجنة أهالي عنيزة)، وهم لديهم روح المبادرات التي تعود بالنفع العميم على عنيزة.
ومما لفت أنظارنا؛ جمعية عنيزة للتنمية والخدمات الإنسانية، وفيها مجمع الجفالي للرعاية والتأهيل، وقد ذكّرني بالزيارة التي قمنا بها قبل ما يقرب من عشرين عاماً إلى الشيخ علي الجفالي - يرحمه الله- في داره بجدة بصحبة الدكتور عبدالعزيز النعيم والدكتور عبدالرحمن الشبيلي، وفي تلك الزيارة تمت دعوة الشيخ الجفالي لإقامة دور للمعاقين في عنيزة. ورأيت خلال الزيارة الأخيرة مجمع الجفالي للرعاية والتأهيل، وقد أصبح حقيقة ماثلة تقدم خدماتها المتنوعة للمحتاجين.
وقد ساهم الدكتور عبدالرحمن الزامل في إنشاء مركز للتأهيل والتدريب ضمن منتجات عنيزة للتنمية والخدمات الإنسانية.
وفي هذا السياق؛ لابدّ من الإشارة إلى مركز القصيم العلمي الذي رعاه آل الزامل في عنيزة، وساهم في تعزيز الابتكار وإثراء تقنيات العلوم للأجيال الحالية والقادمة.. إنه جدير بالزيارة والوقوف على المنتجات العلمية التي تعزز الرصيد الثقافي والمعرفي فيه.
تحية تقدير للفرصة التي منحنا إياها الدكتور عبدالرحمن الزامل وأبناؤه البررة على حُسن ضيافتهم ولطف معشرهم.