لا أدري ماهو المبرر لمن يريد ان يعظ الناس ويذكرهم بالله واليوم الآخر أن يختلق قصصا واضافات من نسج الخيال تتصف بالمبالغة في تصورها لدرجة أنك تضعها في مقام الخرافة ولا يمكن تصديقها ولا يقبلها عقل، ويريدون من الناس تصديقها.. والسؤال: لماذا يلجأ هؤلاء إلى ذلك السرد الخرافي للقصص وفي كتاب الله وسنة نبيه الصحيحة ما يغني عن ذلك؟
قبل فترة اعتذر أحد هؤلاء عن واحدة من تلك الخرافات وذكر أنه متخصص في الحديث ومع ذلك تورط في ذكر خرافة ذكرت عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي ما يخص الملكان في القبر وأنه بدل أن يسأله الملكان في قبره عن ربه ودينه ونبيه بادر هو وسألهم: من ربكما وما دينكما وما نبيكما!!.
إن هذه الإضافات من الخرافات لو قالها انسان عادي قد تقبل منه لانها تكون من باب الحكاوي، لكن معظم الاضافات (الخرافات) التي لم تثبت ولا يقبلها العقل تجدها عند بعض الوعاظ الذين يظنون بأن ما يقومون به من ذكر لها انما هو من باب الدعوة الى الله ويعزز تقريب الناس إلى الله، ومن ذلك بعض الأحاديث النبوية الموضوعة او الضعيفة وحتى بعض الأحاديث التي محتواها لا يقبله العقل وما ينبغي تناقلها الا من أهل العلم المتخصصين العالمين بمناسبة ذكرها وهل هي منسوخة ام لا؟ وكذا طريقة تكيفها مع أحاديث أخرى واستيعاب مدلولها ومنطوقها ومفهومها.
إن مخاطبة الناس على قدر عقولهم وتقريب المفاهيم الشرعية لهم هو المطلوب وليس ترهيبهم وترغيبهم بالوعظ القصصي المؤلف غير المرغوب فيه أو الذي اسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو موضوع أو ضعيف أو لا يصح، ويميل البعض إلى الترغيب المبالغ فيه من خلال قصص خرافية لا يمكن أن تكون ومضار ذكرها أكبر من نفعها على المدى الطويل واعتقد جازما أن في القصص القرآني والنبوي في الوعظ ما يغني عن ذلك كله، ولا يدخل في ذلك طبعا الروايات القصصية والتي يسبح فيها الخيال بشيء من سلاسة الألفاظ ذات المعنى الهادف والمبنى اللغوي المتقن فهذا آمر آخر ومحمود ما لم يتعد الذوقيات في الحياة والاخلاقيات في المعاني والمقاصد الإنسانية والحياتية مع إدراك أن المبالغات التصورية والتصوير الفني ينمي الخيال ويغذي الذاكرة وينعش الفؤاد ويعيش من يتذوقه من اصحاب الثقافة المولعون بهذا النوع من الأدب حياة سعيدة به.