* يوم الخميس الماضي، كان الاحتفال باليوم السنوي العالمي لـ(العمل التطوعي)، وفيه أعلنَ وزير الموارد البشريَّة والتنمية الاجتماعيَّة المهندس أحمد الراجحي، عن وصول عدد المتطوِّعين في السعوديَّة، إلى مليون متطوِّع، وهذا الرقم كان المستهدَف في رؤية 2030م، حيث تحقَّق المنجز المنتظر هذا العام -ولله الحمد-.
*****
* وهذا فيه تأكيد على حُبِّ المجتمع السعودي -بمختلف أطيافه- لفعل الخير، والمشاركة فيه، وهذا ما يجب البناء عليه؛ لتعزيز تلك الفضيلة في شرايين المجتمع أكثر وأكثر، من خلال طرح العديد من البرامج والمبادرات العصريَّة الثريَّة والنوعيَّة.
*****
* وفي هذا الإطار أذكرُ أنِّي قرأتُ قبل سنوات عن تجربةٍ رائدةٍ في بريطانيا، حيث رعاية كبار السِّنِّ هناك مكلِّفة جدًّا خاصَّة في تأمين كوادرها البشريَّة، فكان البحث عن أفكار خلَّاقة للتَّوفير، وكان منها اقتراح (بنك الوقت)، الذي طرحته جامعة برونيل، وتقوم فكرته على تشجيع الشباب على التبرُّع بساعات من وقت فراغهم أسبوعيًّا، لخدمة (الطَّاعنين في السِّنِّ) بعد تدريبهم، على أنْ تكون تلك الساعات في رصيدهم كقيمة مقدَّمة لرعايتهم عند شيخوختهم، وحاجتهم للمتابعة الصحيَّة والاجتماعيَّة.
*****
* التجربة رائعة، وفكَّرتُ لو تم تطبيقها عندنا، مع تطويرها، فهناك شريحة من مجتمعنا، لاسيَّما الشباب تُهدر أوقاتها في ملاحقة مواقع التَّواصل ومشاهيرها، أو في الجلوس على المقاهي والكافيهات؛ فلو تم إطلاق برامج لأولئك يستثمرون فيها ساعات يومهم، كأنْ يمنحوها لـ(دعم الهلال الأحمر، أو الدِّفاع المدني، أو للخدمة في المشافي ودور الرِّعاية والتأهيل)، وأيضًا يمكن أنْ يشمل التبرُّع بالوقت: تقديم كل مواطن أو مواطنة ساعاتٍ من نهاره في تقديم خبراته حسب تخصُّصه للمحتاجين لها، كتبرُّع الأطباء بكشوف مجانيَّة، والمحامين بمرافعات غير مدفوعة الثَّمن، ويساهم المدرِّبون بدوراتهم، إلى غير ذلك من العطاءات.
*****
* وذلك على أنْ تكون تلك الساعات الأسبوعيَّة رصيدًا يُسجَّل للمتبرِّعين فيها كنقاط يحتسب وزنها بآليَّة معيَّنة؛ لتكون عونًا لهم عند التحاقهم بالجامعات أو الوظائف، أو حتَّى ميزة يُؤخذ بها في نقاط نقل المعلِّمين والمعلِّمات مثلًا، كما يمكن لتلك النقاط أنْ ترفع من قيمة المعاش التقاعدي، وأنْ يكون لها خصومات في رسوم الخدمات الحكوميَّة، وتسهيلات لدى مؤسَّسات القطاع الخاص.
*****
* أخيرًا -مع تقديري وشكري لمنصَّة التطوُّع والقائمين عليها-؛ لكن ما أرجوه أنْ نرَى قريبًا (بنكًا سعوديًّا للوقت)؛ أجزمُ أنَّه سيخدم المجتمع أكثر، وسيدعم نمو المزيد من غراس التطوُّع والمسؤوليَّة الاجتماعيَّة المتأصِّلتين في نفوس أفراده كلهم، فهم فقط يحتاجون للتَّحفيز والتَّشجيع والبرامج والأفكار العصريَّة المبتكرة القائمة على المرونة، والبُعد عن التعقيدات، وسلامتكم.