Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

خمسة اعتقادات خاطئة عن السعوديين في بيئات العمل!

A A
لو كنتَ -عزيزي القارئ- صاحبَ عمل، وقرَّرت توظيف شبَّانٍ سعوديِّين في مراكز قياديَّة؛ فستجد من بعض أصدقائِك (المستثمرين ورجال الأعمال) مَن يعتبرُ عملك هذا نوعًا من التهوُّر، وسيتلو عليك قائمةً طويلةً من الاعتقادات الخاطئة عن كفاءة السعوديِّين، كلها تقوم على أوهام متوارثة، ساهمت العقليَّة الوافدة في صياغتها على مدى عقود مضت، وكرَّستها بيئات العمل غير العادلة، التي ترغب في استغلال الموظَّف دون أنْ توفِّر له أدنى المتطلَّبات الإنسانيَّة!.

(١) الشاب السعودي غير جديٍّ وغير منضبطٍ في العمل:

هذه أوَّل وأقدم الفريات الظَّالمة، وأكثرها شيوعًا، وستجد أينما يمَّمت وجهك في البيئات المسمومة التي يسيطر عليها غير السعوديِّين مَن يردِّدها وكأنَّها حقيقةٌ ثابتةٌ، بينما لو جرَّب هؤلاء زيارة مكاتب شركات عملاقة، مثل (سابك)، أو (أرامكو)، أو أيِّ مستشفى حكومي كبير؛ لوجدُوا ما يدحض اعتقادهم، من شباب يعملون بكفاءةٍ وجديَّةٍ تُخجل نظراءهم في أيِّ مكان آخر.. والسِّرُّ طبعًا هو بيئة العمل المناسبة والمُنصفة، بدءًا بالرَّاتب العادل، وصولًا للشعور بالتَّقدير. هل تعتقد أنَّ شابًّا يُعطَى راتبًا زهيدًا ويُطالَبُ بالعملِ لساعاتٍ طويلةٍ في ظروف عملٍ طاردةٍ سيُظهر جديَّةً أو ولاءً للمكان؟ المشكلة إذنْ ليست في الشَّباب يا سادة، بل في بيئاتكم غير العادلة.

(٢) الشَّباب السعوديُّ مرفَّهٌ ولا يتحمَّل ضغوط العمل:

وهذه فرية جائرة أُخْرى؛ كثيرًا ما ترتبط بسابقتها، وكأنَّ السعوديين يطالَبُون بالعمل في (استراحات) يحتسُون فيها الشَّاي والقهوة، ويشاهدُونَ المباريات!.. إنَّهم يتعامون عن شباب يعملُون بكلِّ إخلاص وجديَّة في أصعب المجالات وأخطرها، من القطاعات الأمنيَّة، والطوارئ الطبيَّة، إلى المواقع الميدانيَّة لشركات النفط والاتِّصالات، فمن يجد نفسه في بيئة تقدِّره، لن يهتم بالرفاهيَّة؛ لأنَّه يعلم أنَّ العمل الجيد سيقوده إلى رفاهيَّة حقيقيَّة ومشروعة.

(٣) السعوديُّون يفتقرُون للإبداع والابتكار!:

للأسفِ هناك مَن صدَّق أكذوبةَ أنَّ الشاب السعودي نمطي في عمله، ولا يمتلك حسَّ الإبداع والابتكار، رغم أنَّ مَن يقودُون التحوُّلات الرقميَّة التي أبهرت العالم أجمع.. سعوديون، ومَن يحصدُون الميداليَّات في المعارض العالميَّة.. سعوديون، ومن ابتكرُوا معظم المشروعات الرياديَّة التي فجَّرتها الرُّؤية المباركة .. سعوديون أيضًا!.

(٤) السعوديُّون يفتقرُون للخبرة العمليَّة:

قد تكون هذه العبارة صحيحةً لو كنَّا نتحدَّث عن شباب حديثي التخرُّج! لكنَّ بلادنا -ولله الحمد- ملأى بالكفاءات المدرَّبة التي أثبتت وجودها في القطاعات الحيويَّة مثل الهندسة والطبِّ والطَّيران، لكن المشكلة أنَّ بعض الشركات تريد استغلال هذه الخبرات دون أنْ تقدِّم لهم ما يتناسب مع مؤهَّلاتهم، لذلك تستسهل توظيف الوافدين بحجَّة الخبرة!.

(٥) الشَّاب السعودي يعتمدُ على فرق العمل، ولا يتحمَّل المسؤوليَّة الفرديَّة!:

لا أعرف مِن أينَ جاء هذا التصوُّر المضلِّل، فالأطباءُ السعوديُّون يديرُون أقوى الفرق الطبيَّة بأنفسهم، وكذلك المهندسون الذين يوجِّهُون فرقًا متعدِّدة الجنسيَّات بكفاءة عالية، وكل يوم ينقل الإعلام أنباء عن نجاحات سعوديَّة يقودها سعوديون، حول العالم؛ وجدوا الثقة من جهات أعمالهم؛ فأظهرُوا كفاءةً وحسًّا قياديًّا لا مثيل له.

باختصار.. الشَّركات التي صنعت بيئات عمل جاذبة ومحفِّزة للسعوديِّين، ازدهرت وتطوَّرت بهم، أمَّا الغارقة في البيئات الركيكة والمسمومة، والتي تحارب التَّوطين، وتروِّج لهذه الشَّائعات، فتراوح في مكانها، وسيكون مصيرها الاضمحلال ما لم تغيِّر معتقداتها الخاطئة، وتستفيد من جيلِ شابٍ مليءٍ بالطُّموحِ، ينتظر فقط أنْ يُمنح الفرصة العادلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store