أستغربُ قيامَ بعضِ المشهورِينَ المؤثرِينَ فِي وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ علَى استخدامِ شعائرِ اللهِ والعباداتِ كمحتوَى ينقلهَا للمتابعِينَ فيصورُ مثلًا أنَّه في العمرةِ والحجِّ، ويطوفُ ويسعَى ويرفعُ يدهُ ويدعُو اللهَ متضرِّعًا وباكيًا ومتأثرًا وهُو غيرُ ذلكَ غالبًا، وبعضُهُم كذلكَ يصوِّرُ أنَّه يُصلِّي فِي الحرمَينِ الشَّريفَينِ سواءٌ فِي المسجدِ الحرامِ أو المسجدِ النبويِّ ويصوِّرُ نفسَهُ وهُو يتنقَّلُ فِي أرجائِهِم ويصوِّر نفسَهُ وهُو يُصلِّي فِي الروضةِ الشَّريفةِ وهُو ساجدٌ وراكعٌ وداعٍ.
والبعضُ يصوِّر نفسَهُ وهُو يقرأُ القرآنَ وهُو يبكِي ويمثِّلُ أنَّه خاشعٌ فِي عبادتِهِ وهُو مشغولٌ فِي وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ والتصويرِ والفلاترِ وإعدادِ المشاهدِينَ واللقطةِ الحلوةِ وغيرِهَا.. متَّخذًا مِن العباداتِ والشعائرِ محتوًى لمتابعيهِ ومشاهديهِ وهُو يؤدِّي الفروضَ والأركانَ والعباداتِ والشعائرَ وهذهِ العباداتُ اليوميَّةُ والزمانيَّةُ والمكانيَّةُ عباداتٌ عظيمةٌ مفروضةٌ وواجبةٌ ومستحبَّةٌ وسنَّةٌ بعضهَا خفيٌّ وبعضهَا ظاهرٌ وبعضهَا يبطلهَا وينقصُ مِن أجرِهَا انشغالُ القلبِ، والسمعةُ والرياءُ، وأفضلهَا والتِي يُرجَى قبولهَا علَى الفعلِ والأداءِ الصحيحِ التِي تكونُ بينكَ وبينَ اللهِ سبحانَهُ.
من أجلِ ذلكَ وللتوعيةِ هلْ أصبحتِ العباداتُ والشعائرُ الإسلاميَّةُ محتوًى عامًّا حتَّى تنقلهَا؟ وبعدَ أنْ ننقلهَا قد تُنتقدُ وتنتقلُ مِن عبادةِ وتعظيمِ شعيرةِ إلى لغطِ ووسوسةِ الشيطانِ الانتقاد الهادم والذِي يكونُ فِي غيرِ موضعِهِ ومكانِهِ الصحيحِ، هذَا مَا يحدثُ ويُشاهدُ فِي محتوَى بعضِ المشاهيرِ فِي وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، وهذَا يظهرُ مدَى تفكيرِهم وثقافتِهم.
فالشعائرُ والعباداتُ ليستْ للتصويرِ والانشغالِ عنهَا من خشوعِ القلبِ وتعظيمِهَا فهِي صلةٌ واتصالٌ بينَ القائمِ بهذهِ العباداتِ والشعائرِ وبينَ اللهِ الذِي فرضَهَا وأمرَ بأدائِهَا التِي تكونُ بينَ العبدِ وربِّهِ.. لذلكَ الشعائرُ والعباداتُ ليستْ محتوًى تواصليًّا إلَّا إذَا كانتْ في مجالِ الدعوةِ.
لذلكَ أعجبنِي قولُ مَن قالَ إذَا ذهبتُ للعبادةِ وأداءِ الشعائرِ فإنَّنِي أضعُ كلَّ أجهزةِ التواصلِ فِي السيارةِ، أو المنزلِ، أو اقفلهَا صامتًا، وذلكَ حتَّى لا تشغلنِي عَن عبادتِي المفروضةِ، والتِي بهَا أتواصلُ معَ ربِّي الأعلَى العظيمِ الحيِّ القيومِ، وأسألهُ مِن خيرِ الدنيَا والآخرةِ مَاعلمتُ ومَا لمْ أعلمْ.