يُروَى أنَّ الكونجرس الأمريكي وافقَ بالإجماع في جلسة سريَّة عام 1983م على مشروع خطَّط له المستشرقُ اليهوديُّ الصهيونيُّ برنارد لويس لتفتيت البلاد العربيَّة والإسلاميَّة إلى دويلات عديدة، وقد تم الشروع بإشعال الحروب فيها.
مبررات لويس لتنفيذ مشروعه كانت: «إنَّ العربَ والمسلمِينَ قومٌ فاسدُونَ، مفسدُونَ فوضويُّونَ، لا يمكنُ تحضُّرهُم، وإذا تُركُوا لأنفسِهِم فسوف يواجِهُونَ العالمَ المتحضِّرَ بموجاتٍ بشريَّةٍ إرهابيَّةٍ تدمِّرُ الحضاراتِ وتقوِّضُ المجتمعاتِ، فالحلُّ السليمُ هو إعادة احتلالِهِم واستعمارِهِم وتدميرُ ثقافتهم الدِّينيَّة، وتطبيقاتها الاجتماعيَّة»!.
وأردف: «ولا مانعَ عند إعادة احتلالِهم أنْ تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطيَّة».
هذا الأمر لُوحظ تردادُهُ عند احتلال العراق وغيره من الشعوب.
وما يشهده العالم الإسلامي والعربي على وجه الخصوص منذ الثمانينيَّات من القرن العشرين إلى وقتنا الرَّاهن من أحداث؛ بدأت بإسقاط الاتِّحاد السوفييتي، ثاني قوَّة في العالم، لتكون أمريكا هي القطب الأوحد في العالم؛ لتتمكَّن من تنفيذ مخططها وإشعال الحروب، كما حدث في حربي الخليج الأُولَى والثَّانية، والحرب مع الحوثيِّين في اليمن، وما أطلق عليه «ثورات الرَّبيع العربيِّ»، وظهور تنظيمات إرهابيَّة مسلَّحة كداعش والقاعدة، كان بهدف تفكيك البلاد العربيَّة والإسلاميَّة، ودفع الأتراك والأكراد والفلسطينيِّين والإيرانيِّين والباكستانيِّين والأفغان ليقاتل بعضهم بعضًا، لإضعافهم، وإقامة دولة إسرائيل الكُبْرى التي تمتد من النِّيل إلى الفرات.
كل هذا وغيره نشهده اليوم على الأرض في السودان، واليمن، والعراق، ولبنان، وليبيا، وفي فلسطين، وسوريا.
كلُّنا نراقب ازدواجيَّة المعايير والمؤامرات تلو الأُخْرى لتفتيت أيِّ دولة مستهدَفة، ولن ينجو من هذه السيناريوهات المتلاحقة إلَّا الدولة المتماسكة بقوَّة وحدة شعوبها، ودرايتها بما يدور حولها.
فالوحدة الوطنيَّة وتماسك الجبهة الداخليَّة، وتغليب المصلحة العُليا هي حائط الصدِّ الأوَّل لمواجهة تلك المخطَّطات، ودرء المخاطر، وتعزيز الاستقرار، وترسيخ الأمن والسلم الاجتماعي.
ولعلَّنا نستحضر هنا قول المهلب بن أبي صفرة:
تَأبَى الرِّمَاحُ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرًا
وَإِذَا افْتَرَقْنَ تَكسَّرتْ آحَادًا