سوريا الجديدة تواجهُ مخاطر متعدِّدة، من مختلف الجبهات.. هناك مَن يعتقد أنَّ النظام الحاكم الجديد هو حركة إخوان مسلمين مستترة، وهناك مَن يرى أنَّ إسلاميِّين معتدلين ليسوا جزءًا من حركة الإخوان المسلمين هم مَن يحكم دمشق الآن، بينما يرى الأمريكيُّون -على الأقل- في بعض إعلامهم، أنَّ ما يجري في سوريا هو امتداد للرَّبيع العربي الذي أثاروه.. وبالطبع يشعر الخصوم، وهم كلُّ مَن كانَ مستفيدًا من نظام بشار الأسد، أنَّ عليهم السَّعي لإسقاط النظام الجديد عبر إثارة الاضطرابات في مختلف أنحاء البلاد. وأمَّا إسرائيل فإنَّ النرجسيَّة الشَّديدة التي يعيشها حكَّامها تجعلهم يدَّعون أنَّ انهيار نظام الأسد تمَّ بعضلاتِهم العسكريَّة، واندفعُوا لتدمير القوَّة العسكريَّة السوريَّة، بضرب الطائرات، والموانئ، ومخازن الأسلحة بوحشيَّة، وحبِّ انتقام.
حركة تحرير الشَّام، وهي المجموعة الرئيسة ضمن من يتولَّى الحكم، مرَّت بتجربة إدارة حكومة في إدلب لعدَّة سنوات، ولا شكَّ أنَّ كثيرًا من العيون الأجنبيَّة كانت تراقب أداء هذه الحكومة، ولا شكَّ أنَّ الكثيرين شاهدُوا كيف كانت حكومة حركة تحرير الشَّام تنظِّم الدَّولة التي أقاموها في إدلب.
وكيف حقَّقوا الأمن فيها، وسهَّلوا التِّجارة، وجنوا الضَّرائب بمختلف أشكالها، بما في ذلك الرسوم الجمركيَّة، بالتَّعاون مع تركيا، على الحدود مع الجارة تركيا.
يشعر الأتراك، كما يبدو، أنَّهم مسؤولُون عن نجاح النظام الجديد في دمشق، ويسعُون بكلِّ السبل إلى مساعدة الحكومة الجديدة على تحقيق الاستقرار، وكسب تأييد الدول العربيَّة والأجنبيَّة، (نجحت تركيا في إقناع وزير خارجيَّة مصر بزيارة دمشق، بعد الشكوك المصريَّة أنَّ الإخوان المسلمين لهم يد عُليا في الحكومة السوريَّة الجديدة).
الاهتمام التركي بالدَّولة الجديدة محمود، إلَّا أنَّ عليها أنْ لا تسعى لاحتواء خانق لجارتها السوريَّة؛ حتَّى لا تتسبَّب في الأضرار غير المقصودة.
ويُقال إنَّ هناك اهتمامًا تركيًّا بإقامة قواعد عسكريَّة تركيَّة في أكثر من منطقة من المناطق السوريَّة، وكذلك قواعد بحريَّة على الشاطئ السوري.
وسيؤدِّي المبالغة في احتواء تركيا للنظام الجديد في دمشق إلى إثارة قلق جيران سوريا، بما فيهم الإسرائيليون؛ الذين يرغبون الانفراد بالنِّظام الجديد، ولا يتقبَّلُون تصريحات قيادات النِّظام بعدم رغبتهم في مواجهة عسكريَّة مع إسرائيل.
والأمل أنْ تتحلَّى أنقرة بالصَّبر والحكمة فيما يتعلَّق بالتعامل مع السوريِّين.
وإضافةً إلى تصريحات إيرانيََّة، لا تتمنَّى الخير للنظام السوري الجديد، وتتنبأ بأنْ تثور الاضطرابات في مختلف أنحاء سوريا، كتب محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني منذ بضعة أيَّام مقالًا في مجلة (الإيكونوميست) البريطانيَّة يوم 23 ديسمبر، يقترحُ فيه إنشاء كيان إقليمي جديد، يهدف إلى تحقيق الاستقرار في غرب آسيا (الشرق الأوسط وجواره)، يحمل اسم (مودة) باللُّغة الإنجليزيَّة اختصارًا لاسم «جمعيَّة حوار مسلمي غرب آسيا».
يتولَّى ضمن ما يتولَّى بناء سوريا الجديدة.
واقترح أنْ يكون أعضاء هذا الكيان: السعوديَّة، إيران، تركيا، مصر، البحرين، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، عُمان، قطر، الإمارات العربيَّة المتحدة، اليمن، و(الحكومة القادمة لسوريا).
الدول العربية مطالبة بالتكاتف لحماية سوريا من القلاقل والاضطرابات التي يمكن أنْ تقع خلال الأسابيع والشهور المقبلة.
والأخذ بيد النظام الحاكم الجديد إلى أنْ يقف على رجليه.
ويمكن لجامعة الدول العربية أنْ يكون لها دور هنا، إنْ شاءت الحكومات الأعضاء فيها، أو أنْ يتم قيام تكتل من مجموعة من الدول العربية تتفق أهدافها مع بعضها بعضًا لدعم نظام سوريا العربي الجديد، وتقليص الدَّور غير العربي بالشكل الممكن.