فى القِدم كانت الكهوف بمثابة منازل وملاجئ للبشر، وحافظت هذه الكهوف بشكلٍ جيِّدٍ على مقتنيات بشريَّة، وآثار وعظام منذ آلاف السِّنين، وقد حدَّدت وزارة السِّياحة بالتَّعاون مع هيئة المساحة الجيولوجيَّة السعوديَّة عددًا من الكهوف، كبداية لتفعيل سياحة الكهوف في المملكة، وتعمل على اكتشاف المزيد منها، والوقوف على جاهزيتها، وإدراجها كأحد عوامل الجذب السياحي، والتنمية الاقتصاديَّة.
وتتكوَّن الكهوف في السعوديَّة من طبيعة صخريَّة، لهوابط وصواعد كلسيَّة، وتحوي بعض الكهوف نقوشًا أثريَّة حولها أو داخلها، يرجع تاريخها إلى آلاف السِّنين، وتؤمِّن عددٌ من الكهوف البيئة المناسبة للحياة الفطريَّة والكائنات الحيَّة، مثل الخفافيش، وأنواع من الطيور والثدييات.
وأطلقت وزارة السياحة بالتَّعاون مع هيئة المساحة الجيولوجيَّة السعوديَّة، برنامج السياحة الجيولوجيَّة، لتطوير سياحة الكهوف، كأحد الأهداف الإستراتيجيَّة لتنويع المنتج السياحي الوطني، بالاستفادة من المعالم الجيولوجيَّة الطبيعيَّة، مع الحفاظ عليها، وزيادة فرص العمل والتنمية الاقتصاديَّة للمجتمعات المحليَّة.
ووُضعت برامج زيارات ميدانيَّة لكهوف المملكة، لمعرفة جاهزيتها لاستقبال السيَّاح، وأُبرمت اتفاقيَّة إقامة برامج تدريبيَّة للمرشدين السياحيِّين بالتَّعاون مع المركز الوطني لتنمية الموارد البشريَّة السياحيَّة (تكامل)، وصدرت أبحاث ميدانيَّة علميَّة للعديد من الكهوف في مناطق مكتشفات الصخور الرسوبيَّة.
توجد الكهوف والمغارات، على امتداد المملكة، ويُعدُّ كهف شعفان في حرَّة النَّار جنوب منطقة حائل، أحد أكبر الكهوف المكتشفة حديثًا بالسعوديَّة، بطول نحو 2 كلم، وارتفاع نحو 8 م، ويصل عمقه إلى 800م تحت سطح الأرض، ويتميَّز بتكوينه الجيولوجي المتنوِّع، فيما يقع كهف درب النجم في صحراء المجمَّعة الشرقيَّة، ويتكوَّن من تجويف يبلغ عمقه نحو 100م، ولا يمكن النزول إليه إلَّا بواسطة حبل، وهو مناسب لهواة التسلُّق.
ويُعتبر غار أم جرسان في حرَّة خيبر، على بعد 200 كلم شمال المدينة المنوَّرة، طريق المدينة - خيبر، من أماكن الجذب السياحي، وأحد الكهوف الكبيرة في الجزيرة العربيَّة، بطول يقارب 1496م، إضافة إلى دحل الطحالب، وكهف الفندق، وكهف المربع في منطقة الصمان على بعد 220 كلم شمال شرق العاصمة الرياض، وكهف العقرب الأسود في منطقة الحدود الشماليَّة، والكهوف الأنبوبيَّة الناتجة عن الانفجارات البركانيَّة على مر آلاف السِّنين في مناطق حرة خيبر في منطقة المدينة المنوَّرة، مثل كهف «أم غريميل» البركاني، بارتفاع نحو 6م، وعرض 12م، المحتوي على بقايا عظام لحيوانات مختلفة منذ مئات السنين، وأعشاش طيور بكميَّات كبيرة.
ويُشترط في روَّاد سياحة الكهوف ضمان المحافظة على بقاء الموارد الطبيعيَّة والمكتسبات الأثريَّة بكرًا، والاستعانة بالمرشدين، من خلال منظم رحلات معتمد برفقة دليل سياحي مؤهل، وفق المعايير المطلوبة لتوفير سياحة آمنة، تضمن سلامة السائح وسلامة بيئة الكهف، واستخدام الملابس والأحذية الملائمة، والإسعافات الأوليَّة، وخوذة الرأس والإضاءة، والحبال والسلالم لاستخدامها في النزول والصعود، والابتعاد عن المواقع غير المُؤهَّلَة.
وقد زُوِّدت الكهوف السياحيَّة بلوحات تعريفيَّة وإرشاديَّة، وحُدِّدت العناصر اللازمة لتطوير المنطقة المحيطة بالكهف بما يضمن عدم تشويه المنطقة بصريًّا، باستخدام الصخور والأشجار، من أصل المنطقة.
وفي خطوة حديثة، جهَّزت هيئة المساحة الجيولوجيَّة 3 كهوف بأعماق مختلفة؛ لتكون مواقع سياحيَّة بالتنسيق مع الجهات المعنيَّة، فيما تعمل الهيئة مع وزارة الاستثمار لاستغلال موقعين جيولوجيَّين ليكونا وجهةً سياحيَّةً تستقطب الزوَّار من داخل وخارج المملكة.
وقال الرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجيَّة في السعودية، المهندس عبدالله بن مفطر الشمراني، في تصريح صحفي مؤخَّرًا، إنَّه جرى تحديد موقعين هما «جبل قدر، ومطلع طمية المعروف بـ(فوهة الوعبة)، والعمل جارٍ مع وزارة الاستثمار لاستغلالها.