Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عبدالله صادق دحلان

أهل مكة أدرى بأنفاقها

A A
كعادتِي سنويًّا في بداية شهر رجب، يكرمنِي اللهُ بأداء العُمرة، والصَّلاة في الحرم الشَّريف، وقد أدَّيتُ العُمرةَ الأسبوع الماضي، برفقة صديق العمر الدكتور شهاب جمجوم، ورغم أنَّني من أبناء مكَّة المكرَّمة -ولادةً ونشأةً- إلَّا أنَّني قدْ ضللتُ الطَّريق لبوابة الحرم، وأخذ منَّا أكثر من ساعةٍ كاملةٍ داخل مكَّة نبحثُ عن طريقنا لبوابة الحرم، رغم رُؤيتنا لمنارات وساعة الحرم من كلِّ اتِّجاه، ورغم الإشارات الإرشاديَّة الواضحة، إلَّا أنَّ الحركة الإنشائيَّة العظيمة، والتي لازال بعضها تحت الإنشاء، من الجسورِ والأنفاق، ومشروعات مسار مكَّة العملاقة، ومع الأعداد الكبيرة جدًّا من المعتمرِين من خارج وداخل المملكة لأداء عُمرة رجب، جعل من مكَّة «مدينة لا تنام»، ولا ينام المسؤولون عن سلامة المعتمرِين، ابتداءً من عامل النَّظافة، لأكبرِ مسؤولٍ أمنيٍّ، يتعاقبُون في الوقت على مدار 24 ساعة؛ لضمان سلامة زوَّار بيت الله، ملايين من المعتمرِين والحركة تسيرُ داخل وخارج الحرم بطريقةٍ انسيابيَّةٍ منظَّمةٍ، كحركة عقارب السَّاعة دون حوادث واختناقات، وهذا بفضل الله وتوفيقه لقيادة المملكة، والتي يكفيها رعاية الحرمين الشَّريفين، وحفظ أمن وسلامة حجَّاج وزوَّار المقدَّسات الإسلاميَّة.

والحقيقة، لقد غيَّرت التَّنمية والتَّوسعات الضروريَّة في مكَّة المكرَّمة ملامح المدينة القديمة، التي أعرفها قبل نصف قرن وأكثر، لكنَّها كانت من أهم الضَّرورات لاستيعاب ملايين الزوَّار لبيت الله للحجِّ والعُمرة والصَّلاة في المسجد الشَّريف، ولم يعدْ المثل القديم حقيقة «أهل مكَّة أدرى بشعابها»، فلم يعدْ هناك شِعاب ولا حواري قديمة، وصدق أخي وصديقي معالي فضيلة إمام الحرم الدكتور صالح بن حميد -حفظه الله- عندما أكرمني بإرسال رسالته الوثائقيَّة التاريخيَّة لي قبل أسابيع، واستأذنته بنشرها؛ لأنَّها موسوعةٌ تاريخيَّةٌ لمن يعرف أو لا يعرف مكَّة وشِعابها وحواريها وبَرحاتها، إذْ عنون الرِّسالة بقولهِ: (أهلُ مكَّة أدرَى بأنفاقِهَا)...

يقول المثل الشهير: «أهل مكَّة أدرى بِشعابِها»، عندما نسمع هذا المثل نتساءل لماذا مكَّة بالذات؟.

الجواب ببساطة؛ لأن الوافد إلى مكة كان يجد صعوبة في الولوج إليها، والتعرف على شعابها؛ بسبب وعورة تضاريسها؛ لأن الجبال تحيط بمكة من كل جانب، والشعاب والأودية تكون معظم أجزائها؛ مما يجعل الغريب عنها عرضة للتيه، وربما الهلاك، بخلاف أهلها الذين يعرفون مسالك شعابها وجبالها وأوديتها جيدا.

ومن أسماء أشهر الشِّعاب والأَرياع والأودية والدَّحلات والْجِبَال والأسواق والحواري والأحياء والشَّوارع والميادين -التَّاريخيَّة والحديثة- التي تَضُمُّهَا هذه المدينة المُقَدَّسَة العظيمة: (شِعب علي.. شِعب عامر.. شِعب أبوالعْشَر.. شِعاب الفوَّارة).

ومن الأرياع: (رِيع أبولهب.. رِيع الكُحْل.. رِيع بخش.. رِيع الرسَّام.. رِيع الحدَّادة.. رِيع ذاخر.. رِيع المسكين).

ومن اﻷودية: (وادِي إبراهيم.. وادِي بن زقلة.. وادِي الجِنِّ.. وادِي نُعمان.. وادِي جَلْيل.. وادِي ملكان).

ومن الدَّحلات: (دَحلة الوَلايا.. دَحلة الرُشَّد.. دَحلة المواركة.. دَحلة المغاربة.. دَحلة أبوطبنجة.. دَحلة الجِنِّ.. دَحلة حرب.. الدَّحلة الشرقيَّة).

ومن الجبال: (جبل النُّور «تَحَنَّثَ رسولُ اللهِ في غارِهِ - غار حِراء- قبل البِعثة، وفيه بداية نُزول الوحي».. جبل ثور «أقام رسولُ اللهِ في غارِهِ -غار ثور- ثلاثة أيَّام وقت الهجرة إلى المدينة».. جبل المصافي.. جبل عُمَر.. جبل الكعبة.. جبل هندي.. جبل خَنْدَمَة.. جبل أبوقُبيس.. جبل الشَّراشف.. جبل المدافع.. جبل السَّبع بنات.. جبل دفَّان.. جبل السُّودان.. جبل السيِّدة.. جبل عبادي.. جبل القلعة السَّمراء.. جبل أبوسلاسل.. جبل مطَشَّش.. جبل غُراب.. جبل جحيشة.. جبل النَّكَّاسة.. جبل أسود.. جبل الحجون).

ومن الأماكن المشهورة: (طلعة ملَقَّيَة.. طلعة (رُبع أطْلَع).. هدا مكَّة.. زُقاق المدابغيَّة.. زُقاق المعلم جابر.. زُقاق غيْلَمَه.. الجودريَّة.. الكُنكاريَّة.. الكِدْوَة.. زُقاق الطيب.. البازان.. عين زُبيدة.. بير الغنم.. بير بليلة.. بير طوىٰ.. بير المدعون في الشبيكة.. بلوشستان.. ربوة مكَّة.. محبس الجِنِّ.. المُدَّعى).

ومن المشاعِر: (مشعَر عرفات.. مشعَر المُزْدَلِفَة.. مشعَر مِنْى.. الصَّفا.. المَروة).

ومن اﻷسواق: (سوق اللَّيل القديم.. السُّوق الصَّغير.. سوق العتيبيَّة.. الدُّوق (دوقن قدا).. سوق المجانين (كلن كي).. سوق النَّكَّاسة.. سوق البنقالا.. سوق الشُّوام (السُّوريِّين).. سوق العرب بِمِنى (مؤقَّت بوقت الحجِّ).. الجودريَّة).

ومن الحواري: (حارة الباب.. حارة يمن.. حارة بيشة.. حارة غُراب.. حارة خنيفس.. حارة المواليد.. حارة المطارفة.. حارة الجُعَدة.. حارة الصَّواعد.. حارة خُزاعة.. حارة الزَّهارين.. حارة اﻷشراف.. حارة الجوابرة.. حارة الأحامدة.. حارة القرانيَّة.. حارة العساريَّة.. حارة القبور.. حارة الوفيان.. حارة الزَّلازل.. حارة الجوازنة.. حارة البرانوة.. حارة البراكيت.. حارة المندي.. حارة عوض.. حارة الوسام.. حارة الحفرة.. حارة التَّابعين.. حارة حوش بكر).

ومن (اﻷحياء): (حي القرارة.. حي القَشْلَة.. حي القُشاشيَّة.. حي الفَلْق.. حي الحفاير.. حي الشُبيكَة.. حي النَّقا.. حي الرَّاقوبة.. حي الشَّاميَّة.. حي الغزَّة.. حي المِسْفَلَة.. حي أجياد.. حي أجياد السُدِّ.. حي المعلاة.. حي الهَجْلَة.. حي الحجون.. حي العتيبيَّة.. حي جَرْوَل.. حي السليمانيَّة.. حي الجُمِّيزة.. حي الجعفريَّة.. حي الملاوي.. حي المعابدة.. حي الخانسة (الخنساء).. حي العدل (الأبطح سابقًا).. حي الشِّشَّة.. حي العزيزيَّة (حوض البقر سابقًا).. حي شعْب عامر.. حي شعْب علي.. حي دُقْم الوَبَر.. حي جبل النُّور.. حي الغسَّالة.. حي الشَّرائِع.. حي شرائِع المجاهدين.. حي عسَيْلَة.. حي الهنداويَّة.. حي الرِّصيفة.. حي التَّيسير.. حي المنصور.. حي الطَّنْدباوي.. حي البيبان.. حي الزَّاهر.. حي الحفاير.. حي الغزَّاوي.. حي أبولهب.. حي النُّزهة.. حي الكُليَّة.. حي المسخوطة.. حي الحُسَيْنيَّة.. حي العابديَّة.. حي كَدا.. حي كُدَيّ.. حي جُرْهُم.. حي قوز النَّكَّاسة.. حي بطحاء قريش.. حي العوالي.. حي النَّسيم.. حي النواريَّة.. حي التَّنعيم.. حي العُمرة.. حي الشُّهداء.. حي الزَّايدي.. حي ساحة إسلام.. حي الكعكيَّة.. حي الشَّافعي.. حي اﻹسكان.. حي الشَّوقيَّة.. حي السَّبهاني.. حي الخالديَّة.. حي ولي العهد).

ومن الشَّوارع: (شارع الحجون.. شارع العتيبيَّة.. شارع المعابدة.. شارع فيلكة.. شارع السِّتِّين (الرِّصيفة).. شارع المنصور.. شارع أُمِّ القُرَىٰ.. شارع الجزائر.. شارع إبراهيم الخليل.. شارع الحُبِّ (اللُّصوص سابقًا).. شارع الحجِّ.. شارع العدل (الأبطح سابقًا).

ومن (الميادين واﻷحواش): (ساحة إسلام.. ساحة الرَّشيدي.. حوش بكر.. ملعب سنتاغو برنافول.. ملعب البراميل.. ملعب الفول).

اليوم وبعد التَّطَوًّر المُذهل؛ يمكن استبدال بالمَثَلْ آنف الذِّكْر مَثَلًا مُرادفًا وهو «أهْلُ مكَّة أدرَى بِأنْفاقِهَا»، إذْ تمَّ شَقُّ أنفاق عملاقة عددها 62 نفقًا (54 للسيَّاراتـ و8 للمُشاة) بأطوال تتجاوز مجتمعةً 40 كيلومترًا، تتلوَّى بين جبال مكَّة المكرَّمة وأوديتها وشِعابها -ذهابًا وإيابًا- وتخدم 15 مليون حاجٍّ ومعتمرٍ في العام، وتمثِّل للحجَّاج والمُعتمرين عالمًا جديدًا لاسيَّما القادمين من الأرياف، الذين لم يشاهدُوا في حياتهم رموز المدينة العصريَّة، إذ تختلف هذه الأنفاق المُبهرة كليًّا عن قراهم وبلداتهم الوادعة والبسيطة، فيعيشُون مقارنات لا تنتهي بين الأنساق العمرانيَّة المختلفة، والتي تُمَثِّل لهم صدمةً كُبْرَى عند مشاهدتها للوهلة الأولى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store