Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

التطوع والمسؤولية الاجتماعية.. الدلالة والمؤشر

A A
‏في مبادرة تربويَّة لافتة، دشَّن صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نهار بن عبدالعزيز -محافظ الطَّائف- مبادرة (المتطوِّع الصَّغير)، والتي تقدَّمت بها الإدارة العامَّة للتعليم بمحافظة الطَّائف، أثناء تقديم التقرير العام للأعمال التطوعيَّة؛ التي قامت بها الإدارة بقيادة المدير العام د. سعيد بن عبدالله الغامدي. وحقيقةً مثل هذه المبادرات تُثلج الصدر؛ لما تقوم عليه من بناء لشخصيَّة الطالب، وتعزيز قيم المواطنة والانتماء، وتحمُّل مسؤوليَّة التنمية الوطنيَّة، كما تعمل على تعزيز دور الأسرة في تحفيزهم على المشاركة في الأنشطة التطوعيَّة.

‏وإذا أردنا أنْ نتحدَّث عن دور الأسرة، فهو كبير ومهم، فلو لم تكن هذه المبادئ جزءًا من ثقافة الأسرة وقِيَمها، فيصعب على الطالب الانخراط في أيِّ مشروع تطوعيٍّ؛ لعدم قدرته على تحمُّل المسؤوليَّة التي لم يتدرب عليها في المنزل؛ فالبعض تعوَّد على أنَّ كلَّ مطالبه مُجابة، وعلى الوالدين تحمُّل الكثير من المسؤوليَّات تجاهه، وهذا يؤدِّي إلى الاتِّكاليَّة، وعدم تحمُّل المسؤوليَّة المنزليَّة والمستقبليَّة.

‏وتحميل الأبناء المسؤوليَّة في العمل مهم وضروري؛ لأنَّه يساهم في بناء شخصيَّاتهم، وزيادة رصيدهم من المهارات والخبرات المكتسبة، ويعطيهم الثقة وتقدير الذات، وإكساب الفرد مبادئ العمل الجماعي التعاوني، مثل إدارة النظافة المدرسيَّة، وتشجير الحدائق العامَّة.. وحتى نظافة الحي؛ ممَّا يساهم في زيادة الوعي باحتياجات الوطن. ونتمنَّى أنْ تنتشر تجربة الطَّائف (المتطوِّع الصَّغير) لجميع إدارات التربية والتعليم بالمملكة.

‏وأمَّا بالنسبة لطلاب الجامعات، وما فوق، فقد حققوا الكثير من الإنجازات؛ لأنَّنا بصفةٍ عامَّةٍ شعب معطاء، وتقديم المساعدة والعون جزءٌ من ثقافتنا وقيمنا الإسلاميَّة، فقد انتشرت الأعمال التطوعيَّة، وأصبحت أكثر تنظيمًا ودقَّةً بما يحقق الرُّؤية السعوديَّة ٢٠٣٠م بتوفير (مليون متطوِّع). وحقيقةً وصلنا إلى ذلك العدد، كما أكَّد على ذلك معالي وزير الموارد البشريَّة والتنمية الاجتماعيَّة المهندس أحمد الراجحي، وذلك بفضل الله، ثم بالدَّعم من جهات متنوِّعة، ومنها المنصَّة الوطنيَّة للتطوُّع، وبرنامج هدف، وهو أحد برامج وزارة الموارد البشريَّة والتنمية الاجتماعيَّة المخصَّصة لتوظيف الباحثين عن عمل، ممَّن لم يسبق لهم الدخول لسوق العمل، أو انقطعوا عن العمل في القطاع الخاص، وغير الربحي، وتهدف الوزارة من خلال هذا البرنامج إلى دعم المنظَّمات بالكوادر الوطنيَّة المؤهَّلة، وتقديم حوافز للمنشآت والعاملين، وتمكين الكوادر الوطنيَّة للدخول لسوق العمل. كما وفَّرت برنامج للتدريب الإلكتروني (دروب) لعشرات من الدورات التطويريَّة؛ ‏ومن باب المسؤوليَّة الاجتماعيَّة عبر مسارات تدريبيَّة متخصِّصة لأهم تسعة قطاعات في سوق العمل للتميُّز المهني؛ والتي منها: التَّرفيه والمؤتمرات، والسِّياحة، والمبيعات، والاتِّصالات وتقنية المعلومات، والصَّحة والطَّاقة، والصِّناعة.. وغيرها. وتُقدِّم العديد من الدورات في كل مجال؛ لإكساب المتطوِّعين المهارات اللازمة، والعمل وفق مهنيَّة عالية في كل مسار.

وهناك شركاء النجاح في التنمية، ودعم تلك الدورات للأعمال التطوعية، وهم بالإضافة إلى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وزارة السياحة، والهيئة العامة للترفيه، ووزارة المالية، ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وجامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة أم القرى.. وغيرهم. وتقدم كل عام مئات من الدورات لدعم أبناء الوطن وتمكينهم من مفاتيح المهارات وتزويدهم بالمعرفة؛ التي تدعم الاقتصاد الوطني.

‏‏ولكن ما نرجوه من جهات متنوعة؛ ألا تجعل السن معياراً للقبول في الخدمات التطوعية، فهناك من وصل الستين عاماً وما فوق؛ ولديه قدرات هائلة وطاقة نفسية في حب العطاء، وخاصة لخدمة حجاج بيت الله الحرام، على أن تقدم له مكافآت بسيطة ومحفزات؛ مثل شهادات الشكر والتقدير.

إنَّه من خلال العمل التطوِّعي والمسؤوليَّة الاجتماعيَّة نعمل على التكامل مع العمل الحكومي، ودعمه لصالح المجتمع، وتوفير خدمات قد يصعب على العديد من الإدارات الحكوميَّة تقديمها كاملة، مثل التطوُّع في الحجِّ؛ لتقديم خدمات صحيَّة واجتماعيَّة متنوِّعة؛ لأنَّ التطوُّع ظاهرة مهمَّة للدلالة على حيويَّة الجماهير وإيجابيتها، ويؤخذ كمؤشر للحكم على مدى تقدم الشعوب، لتحقيق أهداف الدولة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store